ثانيا ـ فقد الكتابين ، ومدى وفاء ابن يونس بتكملة محتوياتهما
ذكرنا ـ فيما مضى ـ أن مؤلّفى ابن يونس فى عداد الكتب الضائعة من تراثنا التاريخى (١). ولا شك أن الأجيال التالية له عرفت لهذا الرجل المؤرخ حقه ، وطالعت كتابيه ، واستفاد منهما العلماء والمؤرخون التالون أيما استفادة. وقد وصفه ابن خلكان «ت ٦٨١ ه» بقوله : «كان بأحوال الناس خبيرا ، ومطلعا على تواريخهم ، عارفا بما يقوله» (٢).
وقد سكتت المصادر عن الأسباب والظروف ، التى ضاع فيها هذان الكتابان المهمان ، ولم تشر إلى توقيت فقدهما. ولعل ظروف ضياعهما لا تخرج عن الظروف العامة التى ضاع فيها كثير من تراث أمتنا «من النكبات ، والحروب ، والثورات والفتن ، وغيرها».
وبخصوص تاريخ ضياعهما ، فمن خلال مسحى عشرات المصادر الناقلة عنهما ـ كما سنرى ذلك تفصيلا فيما بعد ـ فقد اتضح لى ـ على قدر ما طالعت ـ أن آخر المقتبسين منهما ـ إن كان رجع إلى نسخهما الأصيلة بالفعل ـ هو المؤرخ الأندلسى «المقرى ت ١٠٤١ ه» ، وذلك فى كتابه «نفح الطّيب». ومعنى ذلك أن الكتابين ظلّا موجودين ، حتى أواسط القرن الحادى عشر الهجرى تقريبا ، ثم اختفيا ـ بعد ذلك ـ فى ظروف غامضة.
هذا ، وقد وصف لنا المؤرخ المدقق «ابن خلكان» هذين الكتابين وصف من رآهما رأى العين ، فقال : جمع لمصر تاريخين : أحدهما ـ وهو الأكبر «خاص بالمصريين» (٣).
__________________
(١) حكمنا على هذين الكتابين بأنهما فى حكم الضائع من تراثنا ؛ لأننا لم نقف عليهما فى المطبوع ، ولا المخطوط من تراثنا التاريخى. ويعضد ذلك ما قاله عن ضياعهما عدد من الباحثين المعنيين بهذا الشأن ، مثل : بروكلمان فى (تاريخ الأدب العربى) ـ ط. الهيئة المصرية العامة ـ ج ٢ ص ٨٤ ، وسزكين فى (تاريخ التراث العربى (ط. الهيئة العامة) ج ١ ص ٥٧٩.
(٢) وفيات الأعيان ٣ / ١٣٧.
(٣) هذا هو الوصف الصحيح ، والمطابق لما تم تجميعه من هذا الكتاب ، بالقياس إلى (كتاب الغرباء) ، على نحو ما سيأتى.