أربعة مجلدات ، لم ير أطول منها. وكان قد ابتدأ عمله فى عصر «العزيز» ، وأكمله فى عهد «الحاكم» (١).
ب ـ كان علىّ ـ إلى جانب براعته العلمية والتنجيمية ـ له معرفة بالموسيقى ، فكان يضرب على العود (٢) ، وكان له شعر كثير بارع حسن (٣). ولا شك أنه كان ذا منزلة مرموقة فى دولة العبيديين فى مصر ، وقبله أحد قضاتها «محمد بن النعمان» كأحد الشهود المعدّلين (٤). هذا عن الجانب الجاد الإيجابى من شخصيته.
ج ـ ومن ناحية أخرى ، فإن المصادر تتناقل وصف جانب هزلى سلبى فى شخصية علىّ ، إذ تصفه بالبلاهة والغفلة (٥) ، والسحر والشعوذة ، وأنه كانت له إصابات عجيبة تضل الجهلة (٦). وتضيف المصادر أنه لبس ـ مرة ـ ثياب النساء ، وضرب بالعود ، وبخّر ، وأخذ يرصد الزّهرة من فوق جبل المقطم (٧). هذا هو الجانب الأول ، الذي ركزت عليه المصادر. وأعتقد أن ما وصف به من هزل مبالغ فيه ، ولا يتفق مع الحياة العلمية والمنجزات الرياضية والفلكية التى تمت على يديه (٨). ولعل سنيّة المؤرخين الذين ترجموا له ، وعداءهم للعبيديين ، واصطدام التنجيم بالعقيدة الصحيحة ، جعلهم يصفونه بهذه
__________________
(١) تاريخ الحكماء للقفطى ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٢٩ ، ٥ / ٢٩٥ ، و (أثر علماء العرب والمسلمين فى تطوير علم الفلك) ص ٦٩ ـ ٧٠ ، والحضارة الإسلامية فى العصور الوسطى (العلوم العقلية) ، للدكتور أحمد عبد الرازق ص ٧٢.
(٢) وفيات الأعيان ٣ / ٤٣٠.
(٣) راجع بعض نماذجه المنسوبة إليه فى : (الذخيرة) ، لابن بسام ٧ / ١٢١ (فى غلام كان يهواه) ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٣٠ (فى الغزل).
(٤) تم ذلك فى جمادى الأولى سنة ٣٨٠ ه (السابق ٣ / ٤٣٠ ، وسير النبلاء ١٧ / ١١٠ ، (ولم يذكر توقيت ذلك) ، وتاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٧٦ ، وحدد سنة حدوث ذلك). وعلّق الذهبى على ذلك فى (السّير) بالحوقلة ، وفى (تاريخه) بقوله : (القاضى والسلطان أنجس منه).
(٥) راجع المزيد من مظاهر غفلته ، ووضاعة مظهره ، ورثاثة ملبسه ، بحيث كان أضحوكة الناس فى : (المصدر السابق ٢٧ / ٣٧٦).
(٦) سير النبلاء ١٧ / ١١٠.
(٧) السابق ، وتاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٧٦.
(٨) راجع تفصيل مخترعاته وإنجازاته فى مجال الرياضيات والفلك ، التى شهد له بها مؤرخو العلوم فى : (أثر علماء العرب والمسلمين فى تطوير علم الفلك) ص ٦٨ ـ ٧٧ ، و (العلم عند العرب ، وأثره فى تطور العلم العالمى) ، لألدوميللى ص ٢١٣.