التى تتناول مكانة مصر قديما ، وخيراتها وثرواتها ، ومظاهر نمائها من زروع وثمار وأنهار ، وقناطر ، وسدود ، وخلج ، وغير ذلك من مشاريع دالّة على تقدم أهلها وتحضرهم ، ونهضتهم (١) ، فيكون ذلك مدخلا للترجمة لعلمائها فى عصر «الإسلام» ، وفى ظل حكم «المسلمين» ، وربما أتى ـ خلال ذلك ـ بأثر من الآثار ، التى يرويها ابن شماسة عن أبى ذر ، فلم يفت ابن يونس نقل تعليق نقدة الآثار والرجال ، بأن ابن شماسة لم يلق أبا ذر ، وإنما روى عن أبى بصرة الصحابى ، الذي وردت عنه مثل هذه الآثار ، الذي قد رواها بدوره عن صحابى آخر هو «أبو ذر» (٢).
ب ـ أما «تاريخ الغرباء» ، فإننى أتوقع ـ أيضا ـ أن يكون مؤرخنا قد وضع له مقدمة ، تشرح مقصوده من تأليفه ، وتوضح منهجه فى عرض تراجمه ، وتبرز مكانة مصر العلمية ، حتى غدت كعبة القصّاد وموئل طلاب العلم من مختلف الأقطار. وللأسف الشديد لم أقف على أى نص ، يمت بصلة إلى هذه المقدمة.
٢ ـ الفترة الزمنية الممتدة عبر تراجم الكتابين :
أ ـ بالنسبة ل «تاريخ المصريين» ، فقد ورد نص مهم للسمعانى (٣) ، قال فيه : الأئمة والعلماء من مصر أشهر وأكثر من أن يحصيهم العادّ. وقد صنّف أبو سعيد بن يونس بن عبد الأعلى تاريخ «المصريين» ، وذكر رجالها من الصحابة إلى زمانه. ومعنى ذلك : أن الكتاب يترجم لعلماء مصر على امتداد قرابة «ثلاثة قرون ، ونصف» ، من سنة «٢٠ ه ـ ٣٤٧ ه». وأعتقد أن كلام السمعانى النظرى صحيح ؛ لموافقته الواقع التطبيقى من خلال ما تم تجميعه من هذا الكتاب ، ففيه ترجمة «عمرو بن العاص» (٤) فاتح مصر ، وفيه ترجمة آخر المترجمين وفاة «أحمد بن إبراهيم بن محمد بن جامع المصرى» (٥).
__________________
(١) راجع تلك الآثار فى (تاريخ المصريين) ، باب (الكنى) ، ترجمة الصحابى (أبى بصرة الغفارى) ، رقم (١٤٢٤) ، وترجمة التابعى (أبى رهم السّماعى) ، رقم (١٤٢٩).
(٢) راجع ترجمة (عبد الرحمن بن شماسة) فى (المصدر السابق) رقم (٨٢٣) ، وفيها ما يتصل بروايته عن أبى بصرة ، عن أبى ذر.
(٣) الأنساب ٥ / ٣١٠.
(٤) راجع (تاريخ المصريين) ، ترجمة رقم (١٠٢٦).
(٥) المصدر السابق : ترجمة رقم (٦) ، وفيها أنه توفى فى المحرم من نفس سنة وفاة ابن يونس (٣٤٧ ه) ، أى : قبله بشهور قليلة.