نوعيات المترجمين من حيث معارفهم وعلومهم (١) ، وإنما خلت التراجم المتبقية من «مفسرى الرؤى ، والخطباء». ولم يتغير الموقف فى تراجم المؤرخين ، وإن ذكر عن أحدهم أنه صاحب «أخبار ، وملاحم».
(٢) من حيث وظائفهم ومناصبهم : ترجم ابن يونس فى «المصريين» لمختلف الطبقات الوظيفية ، وللعديد من ذوى المناصب فى مصر ، فترجم لعدد من ولاة «مصر» ، ولبعض أمرائها بالنيابة ، ولبعض الأمراء المحليين ، كأمير أحد الثغور ، وأمير برقة ، وزويلة ، ووالى الإسكندرية ، ووالى الرابطة. وترجم لبعض القواد ، وولاة البحر فى مصر والشام ، والطبقة العليا من جند مصر ، وأمير بعث الطالعة ، وأمير غزو المغرب ، وعارض الجند. وترجم لصاحب الحرس ، ولصاحب السوق ، ولحاجب الوالى ، ولذوى بعض الوظائف الشّرطية ، مثل : صاحب «الشّرط» ، و «مختار العسكر ، ومختار الجيزة».
وترجم ـ فيما يبدو ـ للشخص المنوط به تنفيذ الحدود ، وهو «السيّاف». وعلى مستوى القبائل ، والتجمعات الصغيرة ترجم ل «عريف القبيلة ، وعريف موالى قريش ، وعريف حىّ الحمراء». واهتم بوظائف تتعلق بالعلم والثقافة ، والمساجد ، فعرّف ببعض المؤذنين ، وب عريف «رئيس» المؤذنين ، وبأحد أئمة المسجد الجامع ، وبأحد القصاص ، وبصاحب القصص ، وبورّاق ينسخ المصاحف ، وب «معلّم كتّاب». واهتم بالوظائف المالية ، مثل : الترجمة ل «صاحب الخراج» ، وكاتبه ، وصاحب الضيافة ، وعامل الصدقات.
وأولى مؤرخنا «ابن يونس» القضاء والديوان اهتماما خاصا ، فترجم لبعض القضاة المهمين فى العاصمة ، ولبعض القضاة المحليين فى الأقاليم «مثل : قاضى الإسكندرية ، وقاضى إخميم» ، وتناول صاحب «مسائل القاضى» ، وبعض كتّاب القضاة ، وبعض الشهود ، والكتّاب فى ديوان الجند. وترجم ـ كذلك ـ لصاحب «المظالم».
واهتم مؤرخنا أيضا بتراجم عدد من العلماء ، الذين كانوا يعملون بحرف بسيطة (٢) ،
__________________
(١) اللهم إلا ما ورد فى ترجمة أحد الفقهاء من غلبة الجدل عليه ، حتى بدت مؤلفاته الفقهية أشبه بعلم الكلام. وهو (إبراهيم بن إسماعيل البصرى) المعروف ب (ابن عليّة) ، ترجمة رقم (٦).
(٢) لا يعنى ذلك أن هذا هو حال جميع العلماء ، فربما توفر العطاء لبعضهم ، لكنهم كانوا يأكلون من عمل أيديهم ؛ ترفعا عن مد اليد للسلطان ، وقد يستعيض البعض عن ذلك بتحديث طلاب العلم مقابل أجور يدفعونها إليه ، نظير إنفاق الوقت والجهد معهم ، وأرى أن عمل فهرست تفصيلى عن (الحضارة) ، تدخل فيه (الحرف ، والصناعات) الواردة فى ثنايا نصوص الكتابين سيكون أمرا طيبا مفيدا للباحثين والقراء.