١ ـ الخشنىّ : أخص هذا المورد ـ دون سواه ـ بشىء من التوضيح ؛ لبيان مدى صلته بمؤرخنا «ابن يونس» ، على اعتبار أنه مؤرخ أندلسى ، عن طريقه نلقى الضوء على العلاقة بين مؤرخى الإقليمين ، وسأكتفى ـ هنا ـ ببيان الصلة بينهما فقط ، أما الترجمة للخشنى ، فستأتى عند دراسة كتابه : «أخبار الفقهاء والمحدّثين» فى عمل علمى آخر.
أعتقد أن الحميدى (١) أقدم مؤرخ ـ فيما أعلم ـ تناول هذه العلاقة ، وعنه نقل ياقوت من بعده (٢) ، فذكر أنه يرجح أن كلا المؤرخين «المصرى ، والأندلسى» لم يلتقيا ، وإن تعاصرا ، ووقف ابن يونس على كتاب «الخشنى» ، ونقل عنه ـ فى «تاريخه» ـ وفيات جماعة من أهل الأندلس ممن مات قبل الثلاثمائة وبعدها بمدة. وأضاف قائلا : وقد أفصح أبو سعيد باسمه ، ونسبه فى موضعين من «التاريخ» ، فى باب «السين» ، وفى باب «النون». وفى غير هذين المكانين ، كان ابن يونس يقول فيما يورده عنه من ذلك : ذكره الخشنى فى «كتابه».
والحق أنى قمت بتحقيق هذا الكلام ؛ للتأكد من مدى صحته ، فكانت لى هذه الملاحظات :
أ ـ فيما يتعلق بوسيلة الاتصال بين ابن يونس (ت ٣٤٧ ه) ، والخشنى (ت ٣٧١ ه) ، فأعتقد أنها كانت المراسلة ؛ إذ يغلب على الظن أن الخشنى لم يرحل إلى مصر ، ولم يلتق بمؤرخنا ، رغم تعاصرهما. وربما وقف ابن يونس على نسخة من كتاب الخشنى «أخبار الفقهاء والمحدّثين» استعان بها فى الترجمة لعلماء الأندلس ، عن طريق طلاب العلم والعلماء الأندلسيين ، الذين كانت تموج بهم مصر فى القرن الرابع الهجرى (٣).
ب ـ كتاب «التاريخ» المنسوب إلى ابن يونس فى نص الحميدى يقصد به «تاريخ الغرباء» ؛ لأنه المعنىّ بالترجمة لغير المصريين.
ج ـ ليست نقول ابن يونس عن الخشنى مقتصرة على تواريخ وفيات الأندلسيين ، بل
__________________
(١) جذوة المقتبس ١ / ٩٤.
(٢) معجم الأدباء ١٨ / ١١١.
(٣) غلب على ظن الحميدى ـ ونقل ذلك عنه ياقوت ـ أن ابن يونس ، والخشنى لم يلتقيا بمصر (الجذوة ١ / ٩٤ ، ومعجم الأدباء ١٨ / ١١١). وأيضا لم يلتقيا فى غيرها ؛ لأن ابن يونس لم يرحل عن بلده (مصر). راجع ص ٣١٦ ـ ٣١٧ من هذه الدراسة ، فيما يتعلق بالوضع الخاص للأندلسيين فى (تاريخ الغرباء).