التعليق :
أ ـ من الواضح أن أهل المدينة ينفون عنه الصحبة ؛ لأفاعيله النكراء بهم. أما الشاميون ، فإنهم يشهدون له بالصحبة ؛ إعجابا به ، فهو من حزبهم.
ب ـ معظم الآراء الواردة فى هذا الموضوع ـ خاصة مؤرخى مصر : ابن عبد الحكم ، وابن يونس ـ تثبت له الصحبة. وتستند بعض هذه الآراء إلى وجود حديثين مرويين لبسر ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم (١) ، إلى جانب اشتراكه فى أحداث فتنة علىّ ومعاوية ، وشهوده وقائع الفتوح الأولى (٢).
ج ـ أميل إلى صحة الرأى القائل بصحبته ـ وقد قال به مؤرخنا ابن يونس ـ وذلك لقوة أدلة هذا الرأى ؛ ولأنه ليس هناك ما يمنع من إثبات الصحبة له ، ثم نكوصه على عقبيه بعد ذلك ـ وهو رأى الدارقطنى ـ فقد ثبت أن بعض الأصحاب بدّلوا وغيّروا ، وأنهم سيذادون عن الحوض يوم القيامة (٣). ولا شك أن ما ارتكبه بسر يدخله فى زمرة هؤلاء ، بل يضعه فى مقدمتهم.
(ب) حول صحبة «جنادة بن أبى أمية الأزدى» : قطع له مؤرخنا ابن يونس بالصحبة (٤). أما المصادر الأخرى المترجمة له ، فبها آراء شتى ، نوجزها فيما يلى :
١ ـ جعله ابن سعد فى الطبقة الأولى من أهل الشام بعد الصحابة ، وقال عنه : إنه لقى أبا بكر ، وعمر ، ومعاذا ، وحفظ عنهم. وكان صاحب غزو (٥). وأورد له حديث النهى عن صوم يوم الجمعة مرفوعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، لكنه سمّاه هنا «جنادة الأزدى» (٦).
__________________
(١) هما حديثا : «لا تقطع الأيدى فى الغزو» ، و «اللهم ، أحسن عاقبتنا فى الأمور كلها». (الاستيعاب ١ / ١٥٨ ، وتهذيب التهذيب ١ / ٣٨١).
(٢) شارك فى (ذات الصوارى) على رأس جيش برى سنة ٣٤ ه (فتوح مصر ص ١٩٠). وشارك فى عهد عمرو فى فتح (سرت). وشارك عقبة فى فتح المغرب سنة ٤٦ ه (السابق ١٩٤) ، ويلاحظ عدم صحة ما أورده ابن عبد الحكم فى (السابق ٢٠٤ ـ ٢٠٥) من زعمه مشاركة بسر موسى بن نصير فى فتح المغرب الأقصى ٩٢ ه ، وأنه فتح قلعة هناك باسمه ؛ لأنه توفى ـ على أقصى تقدير ـ فى عهد (عبد الملك).
(٣) الاستيعاب ١ / ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٤) تاريخ المصريين : (ترجمة ٢٥٣).
(٥) الطبقات ٧ / ٣٠٦.
(٦) المصدر السابق ٧ / ٣٤٧.