رجوع زهير بعد قتله كسيلة ، فكان استشهاده أمام جموع الروم الكثيرة (١). ويضيف البعض أن زهيرا لما خبر خبرهم ، أمر عسكره بالمضى على الطريق ، وعدل هو فى خيل كثيرة من فرسان أصحابه ، وأراد استنقاذ الأسرى «المستغيثين به من الروم» ، فتردد أصحابه فى القتال أمام الجموع الهائلة من الروم ، ثم دارت معركة غير متكافئة ، استشهد فيها هو وأصحابه (٢) سنة ٦٩ ه (٣) ، أو سنة ٧١ ه على الراجح (٤).
٣ ـ تناقض فى إحدى التراجم :
ذكر مؤرخنا ابن يونس فى ترجمة «عثمان بن عتيق الغافقى المصرى» (٥) : أنه أول من رحل إلى العراق فى طلب العلم والحديث. وبعدها قال : «يقال : مات قبل أن يبلغ» (٦).
والحق أن هذه الترجمة لنا عليها اعتراضات وتساؤلات كما يلى :
١ ـ أنه لا يعقل أن يروى عن المترجم له هؤلاء العلماء الكبار «ابن وهب ، وإسحاق ابن الفرات ، وعثمان بن صالح» ، وهو دون البلوغ!
٢ ـ كيف يرحل إلى العراق ؛ طلبا للعلم ، ويترك بلده مصر ، والمفترض أن الرحلة لا تكون إلا بعد هضم علوم بلده وأحاديث محدّثيها؟!
٣ ـ لم أجد له ذكرا فى «تاريخ بغداد» ، للخطيب البغدادى ، وهو المعنىّ بالترجمة لكل من نزل بغداد من طلاب العلم. وأعتقد أن المترجم له (ت ١٨٠ ، أو ١٨٤ ه) لو كان نزل غير بغداد من مدن العراق ، فإنه لابد أن يمر بعاصمة العلم والثقافة ، وحاضرة الخلافة فى القرن الثانى الهجرى ، وهو من رجاله.
٤ ـ وإذا كانت الرواية ذكرت أن المترجم له روى عن «عبد القدوس بن حبيب
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ٣ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، وتاريخ ابن خلدون مجلد ٤ ق ١ ص ٤٠٠.
(٢) رياض النفوس (ط. مؤنس) ص ٣٠ ـ ٣١ ، وتاريخ إفريقية والمغرب للرقيق ص ٥٢ ـ ٥٣. وراجع رسالتى للماجستير ، مجلد ٢ ص ٥٤٩ ـ ٥٥٠.
(٣) الكامل ٤ / ٩١. ولعل ذلك يرجع لاعتبار البعض أن خروج زهير إلى إفريقية كان سنة ٦٧ ه (تاريخ ابن خلدون ٤ / ١ / ٤٠٠).
(٤) على اعتبار الخروج كان سنة ٦٩ ه. (فتح العرب للمغرب) للدكتور مؤنس ص ٣٢٩.
(٥) تاريخ المصريين (رقم ٩٢٦).
(٦) السابق.