رابعا ـ منهج مؤرخنا فى الكتابين
هذه الجزئية من ٣ الجزئيات المهمة فى دراسة تاريخى «ابن يونس» ؛ إذ إنها تقفنا على عقلية الرجل وتفكيره ، ومدى قدرته على تنسيق وتنظيم مادته التاريخية ، وأسلوبه ولغة عرضه إياها. ومن خلال التعمق فى دراستها سندرك درجة فهمه للتاريخ فهما شاملا ، ونتعرف مدى حضور شخصيته عند تناول تراجمه.
والآن ، مع أبرز قضايا ذلك المنهج :
أولا ـ عناصر الترجمة ، وطريقته فى العرض التاريخى :
١ ـ النسب «وما يلحق به من ذكر الأصل ، والكنية» :
سبق أن عرفنا أن مطالعة كتب «الأنساب» ، ووثائق الديوان فى مصر كان من مكونات مؤرخنا الثقافية. ومن ثم ، فقد ظهر ذلك جليا فى كتابه «تاريخ المصريين» على وجه الخصوص ؛ إذ رأينا اهتمامه البالغ بذكر نسب المترجمين كاملا ، ولو امتد ذلك عبر سطور عديدة ، الشيء الذي خفّت حدّته بنسبة كبيرة فى «تاريخ الغرباء» ، الذي نرجح أن مصادره ومعلوماته لم تسعفه ، ولم تمده بالمادة الكافية ، فأتت نسبة كبيرة منها خالية من النسب المطوّل المعتاد. ولا شك أن معرفة أنساب المترجمين كان يمثل أهمية قصوى بالنسبة لمؤرخ كابن يونس ، يمثل علم «الحديث» جانبا مهما من ثقافته ، ومثّل المحدّثون نسبة كبيرة من تراجم كتابيه ، فمعرفة آباء الرواة وأجدادهم ، والقبائل والبطون التى ينتسبون إليها ، يسهم فى معرفة بلدانهم ، وأماكن انتقالهم ورحلاتهم ، وكل ذلك يضع أيدينا على أساتيذهم وتلاميذهم ؛ مما يسهم ـ بشكل فعّال ـ فى الإلمام بشتى جوانب حياتهم.
وقد اتخذت «الأنساب» فى «تاريخ المصريين» صورا شتّى ، منها : ذكر بعض الأنساب مطولة كاملة (١) ، وأحيانا يعنى بضبط بعض ألفاظها (٢) ، أو شرحها (٣). وقد يأتى النسب
__________________
(١) راجع تراجم أرقام : (١١٩ ، ١٦٤ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٩٠ ، ٣٠٦ ، ٤٢٩ ، ٤٣٣ ، ٤٤٢ ، ٧٥١).
(٢) ترجمة رقم (١٦٤). وبها ضبط بالحروف (بحر بن ضبع) ، وترجمة رقم (٧٥١) : هنىّ (بضم الهاء).
(٣) كما فى ترجمة رقم (٣) ، عندما قال : والقرافة بطن من المعافر. وعرّف الحدس ، والقارة فى