نقيبا أو على العباسيين نقيبا يخير منهم أجلهم بيتا وأكثرهم فضلا وأجزلهم رأسا فيولى عليهم لتجتمع فيه شروط الرياسة والسياسة ، فيسرعوا إلى طاعته برياسته ، وتستقيم أمورهم بسياسته.
والنقابة على ضربين خاصة وعامة ، فأما الخاصة فهو أن يقتصر بنظره على مجرد النقابة من غير تجاوز لها إلى حكم وإقامة حد ، فلا يكون العلم معتبرا في شروطها ويلزمه في النقابة على أهله من حقوق النظر اثنا عشر حقا.
أحدها : حفظ أنسابهم من داخل فيها وليس منها أو خارج عنها وهو منها ، فيلزمه حفظ الخارج منها كما يلزمه حفظ الداخل فيها ليكون النسب محفوظا على صحته معزوا إلى جهته.
الثاني : تمييز بطونهم ومعرفة أنسابهم حتى لا يخفى عليه منهم بنوات ولا يتداخل نسب في نسب ، ويثبتهم في ديوانه على تمييز أنسابهم.
والثالث : معرفة من ولد منهم من ذكر أو أنثى فيثبته ، ومعرفة من مات منهم فيذكره ، حتى لا يضيع نسب المولود إن لم يثبته ولا يدعي نسب الميت غيره إن لم يذكره.
والرابع : أن يأخذهم من الآداب بما يضاهي شرف أنسابهم وكرم محتدهم ، لتكون حشمتهم في النفوس موفورة ، وحرمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهم محفوظة.
والخامس : أن ينزههم عن المكاسب الدنيئة ، ويمنعهم من المطالب الخبيثة ، حتى لا يستقل منهم مبتذل ، ولا يستضام منهم متذلل.
والسادس : أن يكفهم عن ارتكاب المآثم ، ويمنعهم من انتهاك المحارم ، ليكونوا على الدين الذي نصروه أغير ، وللمنكر الذي أزالوه أنكر ، حتى لا ينطق بذمهم إنسان ، ولا يشنأهم لسان.
والسابع : أن يمنعهم من التسلط على العامة لشرفهم والتشطط عليهم لنسبهم ، فيدعوهم ذلك إلى المقت والبغض ويبعثهم على المناكرة والبعد ، ويندبهم إلى استعطاف القلوب وتأليف النفوس ، ليكون الميل إليهم أوفى والقلوب لهم أصفى.