وحدثني بعض أهل حلب قال : لما توفي شهاب الدين رحمهالله ودفن بظاهر مدينة حلب وجد مكتوبا على قبره (الشعر قديم) :
قد كان صاحب هذا القبر جوهرة |
|
مكنونة قد براها الله من شرف |
فلم تكن تعرف الأيام قيمته |
|
فردها غيرة منه إلى الصدف |
ومن كلامه قال في دعاء : اللهم يا قيام الوجود وفائض الجود ، ومنزل البركات ومنتهي الرغبات ، منور النور ومدبر الأمور ، واهب حياة العالمين ، امددنا بنورك ووفقنا لمرضاتك ، وألهمنا رشدك وطهرنا من رجس الظلمات ، وخلصنا من غسق الطبيعة إلى مشاهدة أنوارك ومعاينة أضوائك ، ومجاورة مقربيك وموافقة سكان ملكوتك ، واحشرنا مع الذين أنعمت عليهم من الملائكة والصديقين والأنبياء والمرسلين.
قال ابن خلكان : ومن كلامه : الفكر في صورة قدسية يتلطف بها طالب الأريحية ، ونواحي القدس دار لا يطأها القوم الجاهلون ، وحرام على الأجساد المظلمة أن تلج ملكوت السموات ، فوحد الله وأنت بتعظيمه ملآن ، واذكره وأنت من ملابس الأكوان عريان ، ولو كان في الوجود شمسان لانطمست الأركان ، وأبى النظام أن يكون غير ما كان.
(مفرد).
فخفيت حتى قلت لست بظاهر |
|
وظهرت من سعي على الاكوان |
آخر :
لو علمنا أننا ما نلتقي |
|
لقضينا من سليمى وطرا |
اللهم خلص لطيفي من هذا العالم الكثيف.
وتنسب إليه أشعار ، فمن ذلك ما قاله في النفس على مثال أبيات ابن سينا العينية ، وهي مذكورة في ترجمته فقال هذا الحكيم :
خلعت هياكلها بجرعاء الحمى |
|
وصبت لمغناها القديم تشوّقا |
وتلفتت نحو الديار فشاقها |
|
ربع عفت أطلاله فتمزّقا |
وقفت تسائله فرد جوابها |
|
رجع الصدى أن لا سبيل إلى اللقا |
فكأنها برق تألق بالحمى |
|
ثم انطوى فكأنه ما أبرقا |