عمري لئن نزحت بالبين دارهم |
|
عني فما نزحوا دمعي وما نزفوا |
يا حبذا نظرة منهم على عجل |
|
تكاد تنكرني طورا وتعترف |
سقت عهودهم غدّاء واكفة |
|
تهمي ولو أنها من أدمعي تكف |
أحبابنا ذهلت ألبابنا ومحا |
|
عتابنا لكم الإشفاق والأسف |
بعدتم فكأن الشمس واجبة |
|
من بعدكم وكأن البدر منخسف |
يا ليت شعري هل يحظى برؤيتكم |
|
طرفي وهل يجمعن ما بيننا طرف |
ومضمر في حشاه من محاسنكم |
|
لفظا هو الدرّ لا ما يضمر الصدف |
كنا كغصنين حال الدهر بينهما |
|
أو لفظتين لمعنى ليس يختلف |
فأقصدتنا صروف الدهر نابلة |
|
حتى كأن فؤادينا لها هدف |
فهل تعود ليالي الوصل ثانية |
|
ويصبح الشمل منا وهو مؤتلف |
ونلتقي بعد يأس من أحبتنا |
|
كمثل ما يتلاقى اللام والألف |
وما كتبت على مقدار ما ضمنت |
|
مني الضلوع ولا ما يقتضي اللهف |
فإن أتيت بمكنوني فمن عجب |
|
وإن عجزت فإن العذر منصرف |
ومنهم أخوه أبو البركات عبد القاهر بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة ، كان ظريفا لطيفا أديبا شاعرا كاتبا له الخط الرائق والشعر الفائق والتهذيب الذي تبحر في جودته ويلتحق بالنسبة إلى ابن البواب ، والتأنق في الخط المحرر الذي يشهد بالتقدم في الفضل وإن تأخر. سمع بحلب أباه أبا الحسن وغيره وكتب عنه جماعة من العلماء. وكان أمينا على خزائن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي وذا منزلة لطيفة منه ، ومن شعره (وكتبه بليقة ذهب) :
ما اخترت إلا أشرف الرتب |
|
خطا أخلّد منه في الكتب |
والخط كالمرآة ننظرها |
|
فترى محاسن صورة الأدب |
هو وحده حسب يطال به |
|
إن لم يكن إلاه من حسب |
ما زلت أنفق فيه من ذهب |
|
حتى جرى فكتبت بالذهب |
وقال أيضا وهو بدمشق في سنة ٥٤٩ :
أمتّ ببذلي خالصا من مودتي |
|
إلى من سواء عنده المنع والبذل |