الاجتماعية والثقافية ذات الطابع اليوناني فيها. ولم يتوقف نشاط هؤلاء الملوك عند بناء المدن الجديدة ، بل أعادوا تنظيم مدن قديمة بتخطيط جديد ، أو إقامة أحياء يونانية فيها. وقد نسقت هذه المدن بنظام تقاطعي ، وشقتها شوارع عريضة وفيها ساحات عامة ، وأبنية وهياكل فخمة. ومن معالمها البارزة «الجمناسيوم» ، رمز الهلينة ، إلى جانب الهيكل اليوناني ، وكذلك قاعات الرياضة والمسارح وحلبات السباق ، وغيرها من المؤسسات التي تخدم السكان ، جسديا وفكريا وترفيهيا. وكانت لهذه المدن إدارات ومجالس محلية منتخبة ، تعنى برعاية شؤون المدينة ، من حيث العمارة والمؤسسات المدنية والثقافية. وكان يتبع كل مدينة ريف زراعي ، يوفر لها حاجاتها الغذائية.
ومن أهم المدن الهلنستية في فلسطين :
١) عكا (بطوليمايس). وهي مدينة قديمة ، وكانت لها علاقات تجارية واسعة مع أثينا ، أسوة بالمدن الفينيقية الأخرى (صيدا وصور) ، تحت الحكم الفارسي. وقد اهتم بها البطالسة ، وأطلقوا عليها الاسم بطوليمايس (٢٦١ ق. م.) ، وعمّرها المستوطنون اليونان ، الذين كان يشار إليهم أنهم «الأنطاكيون في بطوليمايس» ، نظرا إلى تبنيهم الهلينة. وأولاها السلوقيون عناية خاصة ، واعتبروها في البداية عاصمة الولاية ، ومركزا لنشر الحضارة اليونانية. وكانت عكا ميناء تجاريا مهما إذ كانت المنفذ لصادرات الجليل ومرج ابن عامر ، وخصوصا الزيت والزيتون والنبيذ والحبوب.
٢) جبع ، وتقع على منحدر جبل الكرمل في مدخل مرج ابن عامر. وقد كانت مدينة قديمة ، لكنها صغيرة في العصر الفارسي ، ثم ازدهرت أيام السلوقيين ، إذ أصبحت محطة رئيسية على الطريق بين عكا والسامرة ، وبالتالي ، ذات أهمية استراتيجية موازية لمدينة بيسان في الشرق.
٣) دورا (الطنطورة) ، وهي مدينة فينيقية على الساحل ، جنوب جبل الكرمل. وقد عمّرها السلوقيون لأهمية موقعها الاستراتيجي ، وجعلوها «قلعة ملكية».
٤) حصن ستراتون ، وأنشأه الفينيقيون أيام الحكم الفارسي ، واتخذوه حصنا للدفاع عن الساحل. وفي موقعه بنى هيرودوس (٣٧ ـ ٤ ق. م.) مدينة قيساريا (قيصرية) الكبيرة.
٥) أرسوف (أبولونيا) ، إلى الشمال من يافا ، وهي قديمة لكن اليونان عمّروها. وقد تكون اتخذت اسمها من «أبولو» ، الإله اليوناني ، الذي أقيم له معبد فيها.
٦) يافا (يوبي) ، وهي قديمة أيضا ، وقد وهبها الفرس للصيداويين. واحتلها