غرو ، إن أصبحت بلاد الشام سريعا جزءا عضويا من الوطن العربي و «دار الإسلام» ـ شكلا ومضمونا.
وتفيد المصادر أن فلسطين تمتعت بعد الفتح بفترة من الازدهار لم تعهدها منذ زمن طويل. وفي التقسيم الإداري ، الذي يبدو أن عمر بن الخطاب وضعه وهو في الجابية ، عند قدومه لترتيب أوضاع الأراضي التي وقعت في أيدي المسلمين ، بقي التقسيم البيزنطي السابق على حاله إلى حد كبير. وقسمت فلسطين إلى جندين : ١) جند فلسطين ـ وهو يضم فلسطين الأولى والثالثة من عهد البيزنطيين ، وعاصمته اللد ، ثمّ انتقلت إلى الرملة. وفيه الكور التالية : إيلياء (القدس) وعمواس واللد ويبنى ويافا وقيساريا ونابلس وسبسطية وعسقلان وغزة وبيت جبرين والسبع وأريحا وعمان ؛ ٢) جند الأردن ـ وهو فلسطين الثانية سابقا ، ونقلت عاصمته من بيسان (التي قاومت وفتحت عنوة) إلى طبرية التي صالحت واستسلمت ، وفيه الكور التالية : فحل وجرش وبيت راس وجدرا وأبيل (شرقي الأردن) وصور (لبنان) ، وطبرية وبيسان وصفورية وقدس وعكا.
وامتدت الحدود بين الجندين من الغرب إلى الشرق ، وظلت ثابتة كما يبدو خلال العصر الإسلامي حتى دخول الصليبيين إلى الشرق. وكانت تمر في جبال الكرمل شرقا إلى مجدو ، التي كانت محطة حدود وبريد ، ومنها توجهت شرقا إلى جبال جلبوع ، ثم تنحرف جنوبا فتضم بيسان وأراضيها إلى نهر الأردن. وكانت فلسطين بجنديها جزءا من ولاية الشام ، التي مركزها في دمشق ـ دار الخلافة الأموية لاحقا.
ثانيا : العصر الأموي
في الواقع ، بدأ حكم بني أمية في بلاد الشام منذ أن تمّ فتحها ، لكن علاقاتهم بها كانت قبل ذلك بكثير ، نظرا إلى هيمنتهم على تجارة قريش معها. وفي التنظيم الإداري الذي وضعه عمر بن الخطاب ، قسّم هذه البلاد إلى أربعة أجناد (جمع «جند» ، وهو المقاطعة) ، وهي : فلسطين والأردن ودمشق وحمص (قنسرين). وبعد توجه الجيوش التي فرغت من فتوح بلاد الشام ، شرقا إلى العراق ، وغربا إلى مصر ، وبعد موت عدد من القادة البارزين في طاعون عمواس سنة ٦٣٩ م ، ومنهم أبو عبيدة بن الجراح ، ويزيد بن أبي سفيان ، وصل معاوية بن أبي سفيان ، بتعيين من الخليفة الثاني ، عمر بن الخطاب إلى ولاية بلاد الشام كلها. ومن موقعه هذا ، راح الوالي القدير ، معاوية ، يثبّت أركان حكمه في هذه الولاية المهمة ، داخليا ، عبر إحكام قبضته