سكان المدن بنودا تنصّ على إخلاء بعض المواقع والمنازل لإقامة القادة وجنودهم ، أو لإقامة المساجد.
وقد طبّق الفاتحون نصوص تلك المعاهدات ، فنزل القادة في المدن ومعهم الجنود الذين قاتلوا تحت إمرتهم ، وعائلاتهم وأتباعهم. وفي فلسطين ، نزلوا في بيسان وطبرية والقدس والرملة (اللد) والمدن الساحلية. ويذكر أن عمر بن الخطاب أسكن الجنود في القدس ، بعد أن عقد الصلح مع أهلها. وكان الخليفة قد قدم إلى الجابية ليقسم الأرض بين الفاتحين ، فأولى أمور فلسطين إلى قائدين ، لكل منهما الإمرة على نصفها. فجعل علقمة بن حكيم في الرملة (اللد) ، وعلقمة بن مجزّر في القدس ، ومع كل منهما جنوده. ومنذ البداية ، أقطع عمر ، ومن بعده عثمان ، المقاتلين أراضي في فلسطين. وتفيد المصادر أن الأراضي التي جلا عنها أصحابها أقطعت للمسلمين على اعتبار أنها ملك دولة الإسلام ، لأنها فتحت عنوة. وبينما دفع أصحاب الأراضي من غير المسلمين الذين بقوا عليها الخراج ، فإن الملّاك المسلمين الجدد دفعوا العشر فقط.
ومن القبائل العربية التي يرد ذكرها في فلسطين بعد الفتح ، ومعظمها من كهلان وقضاعة ، ما يلي :
١) غسان : وهي من أهم القبائل التي نزلت فلسطين قبل الفتح ، ثم انتشرت وتوسعت فيها بعده. وكانت غسان قد ظهرت كقوة فاعلة في المنطقة خلال العصر البيزنطي ، وانتشرت في ذروة قوتها من حدود الحجاز حتى الفرات ، ومن فلسطين حتى البادية في الشرق. وكانت منازلها في معان والبلقاء واليرموك والجولان. وقد وقفت مع معاوية في معركة صفين ، وعلى رأسها زيد بن الحرث.
٢) جذام : وكانت منازلها تمتد من شمال الحجاز إلى أيلة فالبلقاء وجنوب فلسطين وسيناء. ومنهم بنو الضبيب الذين اعتدوا على دحية بن خليفة الكلبي ، مبعوث الرسول (ص) إلى قيصر الروم. وبعد ظهور الإسلام ، قبل فروة بن عمرو الجذامي دعوة الرسول (ص) إلى الإسلام ، وكان عاملا للروم على قبيلته ، فقتلوه وصلبوه. وفي معركة مؤتة قاتلت جذام مع الروم ، وكذلك فعل بعضها في معركة اليرموك. وبعد الفتح ، انتشرت بطون جذام ما بين طبرية واللجون ، وما بين اليامون وعكا ، وكذلك ما بين القدس والرملة ، وما بين بيت جبرين وعبسان (بالقرب من غزة).
٣) لخم : وكانت قد تنصّرت في عهد البيزنطيين ثم اعتنقت الإسلام بعد