المماليك على صيدا وبيروت وصور وعتليت وطرطوس ، وبذلك أنهوا آخر قلاع الفرنجة في الشرق ، وتفردوا بحكم فلسطين (١٢٩٢ م).
الإدارة المملوكية
بعد النصر في عين جالود ، تقدم قطز إلى دمشق. فأخذها وجعلها نيابة ، مغيّرا بذلك التنظيم الإداري الذي كان قائما زمن الأيوبيين. والنائب ـ القائم على أمور الإقليم ـ هو ممثل السلطان فيه. والنيابة تضم عددا من الأقضية ، على كل منها وال. وإلى نيابة دمشق ضم قطز الأراضي كلها التي أخذها في بلاد الشام ، بما فيها القدس. وبعد أن فتح بيبرس صفد ، جعلها نيابة قائمة بذاتها ، تتبع لها أجزاء من شمال فلسطين وجنوب لبنان. وقد أوليت صفد أهمية ، نظرا إلى موقعها الاستراتيجي ، ولأنها ظلت لفترة طويلة مرتكز العمل المملوكي في مواجهة ما تبقى للفرنجة من مواقع على الساحل ، وخصوصا عكا. ولذلك جرى ترميم قلعة صفد الكبيرة وتوسيعها. وفي أيام الناصر محمد بن قلاوون ، الذي اعتلى الحكم ثلاث مرات متفرقة ، أصبحت غزة نيابة مستقلة (١٣١١ م). ثم جعل السلطان الظاهر برقوق القدس نيابة ثالثة في فلسطين سنة ١٣٩٣ م. وبينما انتقل مركز الثقل السياسي والعسكري والإداري إلى صفد ، ظلت القدس المركز الديني والثقافي.
وكانت نيابة صفد تضم عددا من الولايات ، منها : أرنون (الشقيف) وتبنين وصور وعكا وعتليت والناصرة وطبرية والشاغور (الجليل الأسفل) وجنين ، وأحيانا بيسان. أمّا نيابة غزة ، فقد كانت تضم عموما : ولاية الداروم (دير البلح) وولاية البر (النقب) وبيت جبرين والرملة واللد والقاقون. ونيابة القدس تتبعها ولايتا الخليل ونابلس ، وأحيانا الرملة. وفي قمة هرم النيابة نائب السلطنة ، وهو ممثل السلطان ، ويكون في العادة بمرتبة «مقدّم ألف». ويليه ، ولكن بصورة منفصلة عنه ، نائب القلعة ، ومهمته شؤون القلعة ، عدة وعتادا ورجالا وإدارة ، ويعيّنه السلطان. وعلى كل مدينة وال ، هو بالأساس صاحب الشرطة فيها ، ومسؤوليته الحفاظ على الأمن. وفي كل نيابة ناظر لبيت المال ، وعدد من الموظفين الكبار في الشؤون المدنية ـ حجاب وكتّاب (دوادار) ... إلخ. وفي الشؤون الدينية ـ نظارة الحرم والخطابة والوقف والقضاء ومشيخة المدارس ... إلخ.
وعلى العكس من الأيوبيين الذين قسموا الولايات بين أفراد العائلة ، عيّن سلاطين المماليك كبار قادة الجيش نوابا في النيابات ، وأقطعوهم ، بحسب مراتبهم ، أرضا تكون لهم «خبزا» ـ أي مصدر دخل. وهذا «الإقطاع العسكري» يتباين عن