تبلغ مساحتها ٢٠٠٠ م (٢) ، اكتشفت في الخمسينات من هذا القرن ، ونقب منها جزء صغير ، كشف عن ثلاث سويّات أثرية من هذا العصر. ويتضح أن سكان القرية أتقنوا بناء البيوت المستديرة ، بقطر يراوح بين ٥ ـ ٨ أمتار ، أسسها بضعة مداميك من الحجارة مغروسة في الأرض وجدرها من الطين ، وسقوفها من الخشب ، وأرضيتها مرصوفة بالحجارة ، وفي وسطها موقد ، وبداخلها مخازن للحبوب ذات جدر من الطين القاسي جدّا.
وفي الجزء الذي جرى تنقيبه من عين الملاحة عثر على أكثر من ٠٠٠ ، ٥٠ قطعة أثرية ، تعطي بمجموعها صورة شاملة لحياة مجتمع بلغ حدّا متقدما من الحضارة المادية والروحية ، ويقدر تعداد أفراده ب ٣٠٠ شخص. وأغلبية هذه اللّقى هي من النصال المتنوعة الدقيقة الصنع ، وأدوات أخرى ميكروليتية مركّبة ، هندسية الأشكال ، ركّبت في أنصبة لتكون مناجل للحصاد وغيرها. كما تضم أدوات عظمية ومخارز وإبر وصنانير لصيد السمك وأنصبة عظمية زينت بإشارات ورموز وصور لرؤوس غزلان وغيرها من الحيوانات.
ويسترعي الانتباه وجود قطع فنية منها لوحتان حجريتان تحملان نحتا لملامح إنسان مختزلة ، وعدد كبير من أدوات الزينة والخرز والأصداف ، وجدت مدفونة مع الهياكل العظمية ، في معظم الأحيان تحت مصطبة البيت ، إضافة إلى التعبيرات الفنية في أدوات العمل ، وخصوصا الأنصبة العظمية التي ركّبت عليها الشفرات الميكروليتية الرقيقة ، ذات الأشكال الهندسية المتعددة ـ كالمثلث والمربع والمنحرف والهلال ... إلخ. والواضح أن هذه الرقائق كان يصعب استعمالها من دون مقبض ، فكانت تشد إلى النصاب بواسطة ألياف الأشجار ، أو خيوط من الجلد أو خيوط من أطناب الحيوانات.
ومن المواقع النطوفية الأكثر أهمية في فلسطين ، حيث اكتشف العدد الأكبر منها بالنسبة إلى غيرها ، أريحا ومغارة الواد (وادي فلاح). ففي الطبقة السفلى من تل السلطان (أريحا القديمة) ، وجدت آثار تنتمي إلى الحضارة النطوفية ـ مناجل وصنانير عظمية ـ كما عثر على بقايا معبد من هذا العصر ، يعود بناؤه إلى الألف الثامن قبل الميلاد. أمّا عند مدخل مغارة الواد ، القريبة من السهل الساحلي في جبال الكرمل ، فقد اكتشفت قرية مكوّنة من منازل مستديرة ، بنيت من الحجارة والطين والدعائم الخشبية ، وفيها أدوات حجرية تعود إلى هذه الفترة.
وعند مدخل مغارة الواد اكتشفت حفر على سطح صخري منبسط يحيط به جدار حجري ، واستخلص الباحثون أن هذا البناء الكبير نسبيا استعمل كمعبد في العصر