اقتصادية ومعنوية ، تنافس بشأنها أساسا آل طوقان وآل عبد الهادي.
وعلى خط هذا الصراع العشائري ، دخل قناصل الدول الأوروبية التي فتحت لها قنصليات في القدس أيام الحكم المصري. فانحاز القنصل البريطاني إلى آل طوقان الذين مالوا على العموم إلى العثمانيين ، ضد المصريين ، فكانوا على رأس المناوئين لحكم إبراهيم باشا ، ورحبوا بعودة العثمانيين إلى حكم البلاد. في المقابل انحاز القنصل الفرنسي إلى آل عبد الهادي الذين كانوا يميلون إلى الحكم المصري ، ولم يكونوا سعداء بعودة الحكم العثماني. وفي مناوراتها بين الطرفين ، كانت الحكومة العثمانية تفضل آل طوقان ، لولائهم لها ، ولصداقتهم مع الإنكليز. ولكنها إزاء مقاومة آل عبد الهادي العنيفة ، وأخذا في الاعتبار قوتهم المالية والشعبية ، فقد عهدت الحكومة إليهم زعامة المنطقة أحيانا. وفقط بعد انتهاء «حرب القرم» (١٨٥٤ ـ ١٨٥٥ م) ، استطاعت السلطة العثمانية أن تتحكم في زمام الأمور في جبل نابلس ، وذلك من خلال عمل عسكري واسع النطاق ، جاء في إثر اضطرابات عنيفة في تلك المنطقة ، كانت موجهة ضد العثمانيين والدول الأوروبية. وقد تحركت السلطة العثمانية تحت ضغط قناصل الدول الأجنبية ، وعينت حاكما تركيا على المنطقة ، ضياء بك ، ورفدته بقوة عسكرية كبيرة. وإلى جانب الحاكم ، أقيم مجلس يضم أعيان المنطقة ، ومن خلاله تابع هؤلاء صراعاتهم.
وإلى الشمال الغربي من القدس ، في قرية العنب ، تمركزت عائلة أبو غوش (اليمنية) ، وسيطرت لفترة طويلة على الطريق المهمة بين يافا والقدس ، عند مداخل عاصمة السنجق ، وفرضت على المسافرين الضرائب ، وعلى التجار الأتاوات. وكانت تغير على القوافل التي لم تدفع ما يطلب منها وتنهبها ، كما دخلت في صراعات محلية مع العشائر المجاورة. وقد استسلمت عائلة أبو غوش لإبراهيم باشا من دون قتال. وعندما عادت المنطقة إلى حكم العثمانيين ، أعيد مصطفى أبو غوش ملتزما عليها ، ومسؤولا عن الأمن على الطريق إلى القدس. ولكنه تمرد على السلطة ، وراح يعمل لحسابه الخاص ، وفتح صراعا مع آل سمحان (القيسيين) ، الذين نافسوه بتحريض من العثمانيين. وفي سنة ١٨٤٦ م جرّد محمد قبرصلي باشا ، حاكم القدس العثماني ، حملة ضدهم وأخضعهم ، وقتل عددا من رؤسائهم ، وعندما استدعي قبرصلي (١٨٤٧ م) إلى إستنبول ، عادت عائلة أبو غوش للهيمنة على منطقتها ، وبالتالي التمرد على السلطة ، وممارسة أعمال النهب والاحتراب بين القيسية واليمنية. ونظرا إلى أهمية القدس ، والطريق المؤدي إليها من يافا ، وبعد تدخل قناصل الدول الأوروبية ، رفعت الحكومة العثمانية سنجق القدس إلى مرتبة «إيالة» ، وعينت عليها