العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا.
وشهدت فترة ١٩١٢ ـ ١٩١٤ م حالة من النهوض القومي العربي ، أفاد من الأزمة العميقة التي راحت تلف الحكم في إستنبول ، وتشير إلى حالة من الانهيار العام تحيق بالسلطنة. فالفشل العسكري في ليبيا (مع إيطاليا) ، وفي البلقان ، وبالتالي استقلال الشعوب البلقانية ، والانقلاب ، والآخر المضاد في إستنبول وحالة التململ العامة ، كانت عوامل ساعدت على ذلك النهوض. وعلاوة على ذلك ، فإن انحياز الثلاثي ـ أنور وطلعت وجمال ـ إلى ألمانيا ، دفع فرنسا وبريطانيا إلى تعزيز دعمهما للقوى المناوئة لحكمهم. وتشكلت أحزاب وجمعيات جديدة ، وكذلك منظمات ثورية. ففي غضون الحرب البلقانية ، شكّل القوميون العرب في القاهرة حزب اللامركزية الإدارية العثماني. وكان على اتصال وثيق بالحزب التركي ـ الائتلاف والحرية. وقد ترأس الكاتب السياسي ، والعالم الاجتماعي السوري ، رفيق العظم ، هذا الحزب. وكان من المشاركين في حلقة الكواكبي في القاهرة. كما كان نائب الرئيس ، الشيخ الزهراوي ، من تلاميذ الكواكبي ، ومن الكتّاب المرموقين ، وقد مثل حماة في البرلمان العثماني. وانتشر الحزب في البلاد العربية ، وحتى في العراق. وبلغ أعضاؤه قرابة ٠٠٠ ، ١٠ ، موزعين على فروع في مدن بلاد الشام والعراق. ومن البارزين بين أعضائه : فؤاد الخطيب ، ورشيد رضا وسليم عبد الهادي وحافظ السعيد. وعندما تسلم حزب الائتلاف والحرية الحكم في إستنبول ، كثف حزب اللامركزية الإدارية العثماني نشاطه في الولايات العربية. فدعا إلى زيادة المشاركة العربية في الحكومة والمجلس ومؤسسات الدولة ، والاعتراف باللغة العربية لغة رسمية في الدولة العثمانية ، وطرح فصل الأقاليم العربية وإعطاءها الاستقلال الذاتي ، وإقامة حكومات محلية وإقليمية فيها. وأكد الحزب على التعاون مع الدول الأوروبية ، فطالب بإعطاء الأقاليم حق استقدام المستشارين الأجانب بصورة مستقلة ، وكذلك عقد القروض الخارجية ، ومنح الامتيازات للدول الأجنبية. وعلى العموم ، كان هذا الحزب يعلق آمالا كبيرة على دعم أوروبا لمطالبه ، ووافق على أن تتولى فرنسا الإشراف على سورية ولبنان ، بينما تتولى بريطانيا الإشراف على العراق وفلسطين. وبالتعاون مع المنتدى الأدبي ، والمنظمات الوطنية الأخرى ، وخصوصا مع الجمعيات الإصلاحية السورية والعراقية ، ساهم الحزب في عقد المؤتمر العربي الأول (١٩١٣ م) في باريس. وعندما عادت تركيا الفتاة إلى الحكم ، واجه نشطاء الحزب موجة من القمع والتنكيل ، فاندلعت الاضطرابات في جميع أنحاء السلطنة ، وخصوصا في الولايات العربية ، واضطرت حكومة تركيا الفتاة إلى التراجع التكتيكي ، الذي لم يؤدّ