الموجز في تاريخ فلسطين السياسي

قائمة الکتاب

البحث

البحث في الموجز في تاريخ فلسطين السياسي

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

الموجز في تاريخ فلسطين السياسي

الموجز في تاريخ فلسطين السياسي

الموجز في تاريخ فلسطين السياسي

تحمیل

شارك

إليها «أبناء إسرائيل» تحت راية «المشيح» في «آخر الأيام». وبناء عليه ، وعلى اعتبار أن التاريخ من صنع البشر ، فإن هذه المقولات الطوباوية لا تمت إليه بصلة.

وفي القرن التاسع عشر ، تضافرت عوامل ذاتية في التجمعات اليهودية الأوروبية ، على قاعدة «المسألة اليهودية» ، وعوامل أوروبية عامة ، في إطار «المسألة الشرقية» لتحرك «الفكرة الصهيونية» ، وتنتقل بها من المجرد إلى الملموس في «المشروع الصهيوني» العملي. وقد تبلورت الفكرة الصهيونية في حاضنة «الأفكار الاسترجاعية» ، التي انتشرت في المناخ الحضاري الأوروبي منذ القرن السادس عشر الميلادي ، وترعرعت في الأجواء السياسية التي سادت أوروبا خلال القرن التاسع عشر ـ أجواء الإمبريالية ـ وخصوصا بعد سنة ١٨٧٠ م. والصهيونية صاغت منطلقاتها الفكرية ، وكذلك سبل ووسائل تجسيد مشروعها العملي ، مستغلة الأزمات الناجمة عن المسألتين ـ اليهودية والإمبريالية. ففي الشق اليهودي ، وظفت الفكر الاسترجاعي ، بطابعه اليهودي الغيبي ، لتطرح نفسها الوسيلة لإخراج اليهود من أزمتهم المتفاقمة داخل المجتمعات الأوروبية. أمّا في الشق الإمبريالي ، فقد طرحت نفسها سبيلا إلى تذليل العقبات الناجمة عن الهدف الإمبريالي في تطويع شعوب المنطقة العربية لإملاءاته ، عبر إقامة مشروع استيطاني ، يشكل مركزا إقليميا مناهضا لحركة شعوب المنطقة في مواجهة الغزو الإمبريالي.

ففي الجوهر ، الصهيونية حركة أوروبية الجذور ، فكرا وممارسة ، إذ نشأت وترعرعت في أجواء القوميات الأوروبية في القرن التاسع عشر. وفي الظاهر ، غطت مقولاتها بخطاب ديني يهودي استرجاعي. ولأنها حركة مفتعلة ومفبركة ، كان لا بدّ من التمويه على الجوهر فيها ، بمزاعم ومقولات زائفة ، سواء لناحية المضمون في الفكرة السياسية ـ «الدولة القومية تحل المسألة القومية» ـ أو لناحية تجسيدها في الواقع عبر الاستعمار الاستيطاني ، الذي سبقتها إليه الدول الأوروبية في بقاع متعددة من العالم. وقد تقدمت الصهيونية بمشروعها على قاعدة الاسترجاع ، من منطلق أسطورة «شعب الله المختار» ، و «أرض الميعاد» ، و «عودة الشعب المختار إلى وطنه». أمّا في الممارسة العملية ، فكان لا بدّ لحركة من هذا النمط أن تعتمد أسلوب «التآمر» السياسي والدبلوماسي ، واستغلال التناقض بين القوى ، لتمرير مشروعها ، ذي الطبيعة المزدوجة ـ اليهودية والإمبريالية.

وفي تقليدها للحركات القومية الأوروبية ، برزت الصهيونية كظاهرة مصطنعة ، إذ لم تتوفر لديها الشروط المسبقة ، أو المقومات الكيانية ، للادعاء بأنها «حركة قومية» ، تسعى لإقامة «دولة قومية» ، وتحقيق السيادة السياسية فيها ، أسوة بالقوميات الأخرى.