وخولدة بين الرملة والقدس ، ومرحافيا في مرج ابن عامر ، وغان شموئيل في السهل الساحلي. وكانت كل مستعمرة تمثل نمطا تجريبيا جديدا. ففي دغانيا (١٩٠٩ م) كانت بداية الحركة الكيبوتسية ، إذ أعطيت الأرض لعمال زراعيين بمسؤولية جماعية. وفي بن شيمن جرى التخطيط المسبق لإقامة مستعمرة تعتمد فروعا زراعية متنوعة ومتكاملة ، لضمان الاستمرار في حال فشل أحد تلك الفروع. وفي مرحافيا كانت تجربة الدمج بين الاستيطان الفردي والجماعي ، وفشلت التجربة ، لكن نقطة الاستيطان الأولى في مرج ابن عامر (١٩١١ م) بقيت.
وفي فترة ١٨٨٢ ـ ١٩١٣ م ازداد عدد المستوطنين اليهود في فلسطين من ٠٠٠ ، ٢٤ إلى ٠٠٠ ، ٨٥ نسمة ، وذلك من مجموع ٠٠٠ ، ٧٠٠ من سكان البلد. وقد أقام معظم هؤلاء المهاجرين في المدن ، وفقط ٠٠٠ ، ١٢ منهم استقر في المستعمرات الزراعية وملحقاتها ، والتي بلغ عددها ٤٤. وقد ارتفع عدد اليهود في القدس إلى ٠٠٠ ، ٤٥ في سنة ١٩١٤ م. وفي طبرية وصلوا إلى ٥٠٠٠ نسمة ، وفي صفد إلى ٧٠٠٠ وحيفا ٣٠٠٠ ويافا ٥٠٠ ، ١٠ بمن فيهم سكان تل أبيب ، التي أقيمت (١٩٠٩ م) كضاحية من مدينة يافا. ثمّ انخفض هذا العدد إلى ٠٠٠ ، ٥٥ في نهاية الحرب العالمية الأولى ، بسبب نزوح المستوطنين إلى الخارج. وفضلا عن مكتب فلسطين (ذراع المنظمة الصهيونية العالمية) ، والصندوق القومي اليهودي ، أقيم البنك الأنكلو ـ فلسطيني (١٩٠٣ م) في يافا ، كفرع لصندوق الائتمان اليهودي للاستعمار ، الذي أسسه هيرتسل في لندن (١٨٩٩ م).
أ) البراءة الدولية
لقد أدرك هيرتسل منذ البداية أن مشروعه الصهيوني لن يكتب له النجاح بالاستناد إلى القوة الذاتية اليهودية ، وخصوصا أن نسبة اليهود المتعاطفين مع الصهيونية كانت ضئيلة ، الأمر الذي شكّل همّا مقلقا لقادة العمل الصهيوني. وبناء عليه ، توجه هيرتسل للحصول على دعم القوى الإمبريالية ، أو إحداها على الأقل ، وبصورة علنية عبر إصدار «البراءة الدولية» ، أي وضع الاستيطان تحت الحماية ، سواء من هذه الدولة أو تلك. ولكي لا يستثير تلك الدول ، أو يتسبب بردة فعل سلبية من قبل السلطات العثمانية ، التي كانت تعارض هجرة اليهود إلى فلسطين على أية حال ، أصرّ على رفض فكرة التسلل إلى البلاد بصورة غير شرعية. وعلل ذلك ، وكان مصيبا ، بعدم جدوى مثل هكذا استيطان يجري خلسة ، ولن يلبي الطموحات الصهيونية المغرقة في التفاؤل بنجاح مشروعها ، وإقامة الدولة اليهودية