رفضهما الاعتراف بالشريف حسين ملكا على العرب. وبعد مساومة ، اعترفتا به ملكا على الحجاز. وفي هذه الأثناء ، تقدم الجيش الإنكليزي عبر سيناء. وفي ٢١ كانون الأول / ديسمبر ١٩١٦ م وصل العريش. في المقابل ، تحصن الجيش العثماني ، بمن معه من قوات ألمانية ونمساوية ، في خط دفاعي بين غزة وبئر السبع. واستطاع هذا الجيش صدّ هجوميين بريطانيين في شهرين (آذار / مارس ، ونيسان / أبريل ١٩١٧ م). فقرّرت القيادة البريطانية نقل قوات عربية من الجزيرة ، بقيادة فيصل بن الحسين ، ومعه ضابط الاستخبارات البريطاني ، لورنس ، للقيام بحرب عصابات على طول خط سكة حديد الحجاز. وفي حزيران / يونيو ١٩١٧ م ، احتل لورنس العقبة ، وطهر شواطىء البحر الأحمر من الأتراك ، وأمّن الجناح الأيمن للقوات البريطانية التي كانت تستعد لهجوم على فلسطين.
بعد احتلال العقبة ، طالب زعماء الحركة الوطنية العربية الأمير فيصل بالتقدم نحو دمشق ، من خلال التقدير أن ذلك سيحرك ثورة شاملة في بلاد الشام ، وبالتالي يحرر العرب أنفسهم ، ويتولوا زمام أمورهم بأيديهم. ولكن لورنس رفض ذلك ، تمشيا مع الخطة الإنكليزية. وكانت تلك الخطة ترمي إلى حصر الدور العربي في تشكيل جناح أيمن للقوات البريطانية ، يعمل في الصحراء ، شرقي نهر الأردن. أمّا فلسطين ، وبقية أجزاء سورية ، فيجب أن تحتلها القوات البريطانية لتضمن تنفيذ الاتفاقات السرية المعقودة مع كل من فرنسا وروسيا. فبينما كانت بريطانيا تتفاوض مع الشريف حسين ، كانت تعد اتفاقات سرية مع فرنسا وروسيا ، بشأن تقسيم أراضي السلطنة العثمانية. وقد تبلورت هذه الاتفاقات ، عبر مسار طويل من المفاوضات ورسم الخرائط ، في اتفاقية سايكس ـ بيكو ، على اسم الممثلين ـ البريطاني والفرنسي ـ اللذين توصلا إليها ، ومن ثمّ عرضاها على روسيا ، وتمت الموافقة عليها في مذكرات سرية بين الأطراف الثلاثة في أيار / مايو ١٩١٦ م ، وهي اتفاقية تتناقض جذريا مع الوعود المقدمة للشريف حسين.
وبموجب الاتفاق ، قسمت الولايات العربية إلى مناطق ، لوّنت على خريطة بألوان متعددة : ١) منطقة زرقاء ، تضم غربي سورية ولبنان وكيليكيا والجزء الجنوبي الشرقي من أناضوليا ، وهي من نصيب فرنسا ؛ ٢) منطقة حمراء ، تضم جنوب ووسط العراق ، ومينائي حيفا وعكا في فلسطين ، وهي من نصيب بريطانيا ؛ ٣) منطقة بنية ، تضم الجزء الباقي من فلسطين ، حيث ستقوم إدارة دولية ؛ ٤) منطقة صفراء ، في شرق آسيا الصغرى ، وهي من نصيب روسيا ، إضافة إلى حقها في القسطنطينية ، والمناطق الأرمنية في آسيا الصغرى ، والحماية على الروم الأورثوذكس في المنطقة عامة ؛ ٥)