منطقة خضراء ، ضمت الجزء الجنوبي الغربي من أناضوليا ، وهي لإيطاليا. وفضلا عن ذلك ، كانت هناك مناطق نفوذ : منطقة «أ» ، شرقي سورية وولاية الموصل ، تحت النفوذ الفرنسي ؛ منطقة «ب» ، شرقي الأردن وشمال ولاية بغداد ، تحت النفوذ البريطاني ؛ منطقة «ج» ، في غرب وأواسط أناضوليا ، تحت النفوذ الإيطالي. وفي مناطق النفوذ حصلت هذه الدول على الأفضلية في التجارة ومد السكك الحديدية واستيراد الأسلحة وتعيين المستشارين الأجانب ، وغير ذلك من الامتيازات.
ومهما كانت شروط الاتفاقات على الورق ، فالواضح أن الدول التي عقدتها لم تكن جادة في تنفيذها ، وتميّزت بريطانيا في خداعها للأطراف الأخرى جميعا. فقد احتلت العراق (١٩١٧ م) ، وأقامت فيه إدارة عسكرية ، بقيادة بيرسي كوكس ، ثم خلفه آرنولد ولسن. فأثار ذلك قلق فرنسا ، وسعت لضمان المناطق المخصصة لها ، عبر الاتصال بالمهاجرين السوريين واللبنانيين في الخارج ، وطرح الحماية على البلدين معهم ، الأمر الذي أثار قلق القوميين العرب. كما طالب مندوب فرنسا في القاهرة ، بيكو ، حكومته بإرسال قوات عسكرية إلى الشرق ، قبل أن تبتلعه بريطانيا. ومع ذلك ، ظلت الدولتان ـ فرنسا وبريطانيا ـ تقدمان الوعود الكاذبة للعرب. ففي أيار / مايو ١٩١٧ م ، عندما بدأ الإعداد للهجوم على فلسطين ، وصل سايكس وبيكو معا إلى الحجاز ، وأجريا مفاوضات مع الشريف حسين. ومرة أخرى عاد الاثنان ، اللذان وضعا بنود الاتفاق السرّي ، إلى تقديم وعود كاذبة إلى الشريف ، وعاد هذا الأخير ووافق على الاستمرار في القتال إلى جانب الحلفاء.
ومنذ منتصف سنة ١٩١٧ م بدأت القوات البريطانية على جبهة قناة السويس تعد للهجوم على فلسطين ، بعد أن استكملت احتلال سيناء إلى العريش ، وتأمين خطوط إمدادها من مصر. وتولى الجنرال أللنبي قيادة الجبهة ، بما في ذلك الجيش العربي ، بقيادة فيصل ـ لورنس. ووضعت الخطة بحيث يقوم الجيش البريطاني ، تسانده سفن وطائرات بريطانية وفرنسية ، باحتلال الجزء الواقع غربي نهر الأردن. أمّا الجيش العربي ، فيقوم بعمل مواز شرقي النهر ، ويتقدم في اتجاه دمشق ، حاشدا في طريقه كتائب الأنصار العربية ، والجنود الفارين من الجيش العثماني. وسارع أللبني إلى الهجوم قبل وصول تعزيزات تركية وألمانية حسنة التدريب وعالية المعنوية ، جيش المغاوير (يلدرم) من قوات الصاعقة التركية ، والفيلق الألماني الآسيوي. وفي ٣١ تشرين الأول / أكتوبر ١٩١٧ م اخترق أللنبي خطوط الجبهة العثمانية بين غزة وبئر السبع. وفي ١٦ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩١٧ م احتل يافا ، وفي ١١ كانون الأول / ديسمبر ١٩١٧ م دخل القدس.