أهداف الحرب في الشرق الأوسط ، عبر مندوبها إلى لقاء مع بعض الزعماء الصهيونيين ، سايكس الذي صاغ اتفاق سايكس ـ بيكو. وكان البيان موجها إلى يهود الولايات المتحدة لنيل دعمهم ، من جهة ، وللوفاء بالتعهدات التي قطعتها الحكومة البريطانية للقيادة الصهيونية إذا أفلحت في جرّ الولايات المتحدة إلى الحرب ، من جهة أخرى. وعلى الرغم من التعهدات التي قطعتها حكومة بريطانيا للشريف حسين في مراسلاته مع مكماهون ، فقد ورد في «بيان سايكس» اعتبار فلسطين «وطنا قوميا يهوديا» ، ومنح المستوطنين اليهود فيها الحقوق القومية والسياسية والاجتماعية ، والسماح للمهاجرين إليها بالاستيطان فيها ، بغض النظر عن موطنهم الأصلي ، وإعطائهم هناك حكما إداريا ذاتيا.
وبالتواصل والتنسيق بين قيادتي العمل الصهيوني ـ البريطانية بزعامة وايزمن ، والأميركية بزعامة براندايس ـ بدأ إعداد مسودة الإعلان الذي عرف باسم وعد بلفور. ولدى الاتفاق على الصيغة ، بعد أخذ ورد ، تم التغلب على العقبات ، سواء داخل الحكومة البريطانية ، أو التي شكّلها موقف بعض الشخصيات اليهودية المعارضة للصهيونية ، مثل : لوسين وولف وكلود مونتفيوري وماثيو ناثان وإدوين مونتاغو. وأرسل بلفور نصّ الإعلان إلى البارون اليهودي الصهيوني روتشيلد وذلك بعد أن تمّت الموافقة عليه من قبل الرئيس الأميركي ولسون على الرغم من أن أميركا لم تكن قد أعلنت الحرب على السلطنة العثمانية ، التي كانت لا تزال تحكم فلسطين. ويعود الفضل في ذلك إلى نشاط براندايس إلى حد كبير ، وإلى تعاونه الوثيق مع مستشار الرئيس الأميركي هاوس. وقد صدر وعد بلفور في اليوم نفسه الذي بدأ فيه الهجوم البريطاني على فلسطين. واعتبره قادة العمل الصهيوني بمثابة البراءة الدولية التي سعوا للحصول عليها منذ أيام هيرتسل.
وصدر وعد بلفور قبل نهاية الحرب ، بعد أن كشفت قيادة الثورة البلشفية في روسيا أمر اتفاقية سايكس ـ بيكو ، وتسبب ذلك في إحراج الإدارة الأميركية التي لم تكن أعلنت الحرب على تركيا ، بل سعت فعلا للتوسط وإيجاد حل سلمي معها. وفي حزيران / يونيو ١٩١٧ م ، أوفد ولسون الصهيونيين ـ مورغنتاو (السفير السابق للولايات المتحدة في إستنبول) ، وفيلكس فرانكفورتر (صهر براندايس وذراعه الأيمن) ـ لإجراء مباحثات في إستنبول بشأن إنهاء الحرب. لكن وايزمن قطع عليهما الطريق في جبل طارق ، وأقنعهما بالعودة إلى واشنطن ، ذلك لأن الصهيونيين أرادوا احتلال فلسطين على يد الحلفاء ، الأمر الذي من دونه يبقى وعد بلفور حبرا على ورق. ومن هنا كان اعتراض قادة العمل الصهيوني على اتفاقية سايكس ـ بيكو ، كونها لم تحدد وضع