تشكيل «كتيبة البغالة» ، التي أرسلت إلى غاليبولي ، ومهمتها نقل المؤن والذخائر إلى الجبهة ، في إطار الخطة العسكرية الرامية إلى إنزال قوات عسكرية على شواطىء البحر الأبيض المتوسط الشرقية. لكن هذه الخطة فشلت ، واستبدلت بأخرى ـ الهجوم على فلسطين من سيناء. وحلّت هذه الوحدة في أيار / مايو ١٩١٦ م ، وانتقل ١٢٠ من أفرادها إلى لندن.
لكن جابوتنسكي لم يتراجع عن فكرته ، حتى إزاء المعارضة الصهيونية الشديدة لتشكيل مثل هذه الكتائب. فمن جهة ، خشيت القيادة الصهيونية ردة فعل السلطات التركية على المستوطنين في فلسطين بسبب ذلك ، ومن جهة أخرى ، رأى الكثيرون من يهود أوروبا ـ وخصوصا في ألمانيا ـ في تشكيل كتائب يهودية ، وزجها في الحرب إلى جانب الحلفاء ، انتحارا للحركة الصهيونية ، نظرا إلى اقتناعهم بأن ألمانيا ستكسب الحرب. لكن جابوتنسكي أصرّ على موقفه ، وهدّد بالانسحاب من المنظمة الصهيونية ، وسافر إلى إيطاليا ليعرض فكرته على قادتها العسكريين. وهناك التقى بنحاس روتنبرغ ، الذي شاطره الفكرة. ولما فشلا بمهمتهما في إيطاليا ، توجها إلى بريطانيا ، وثابرا على جهودهما هناك. وقد استفادا من وجود بقايا كتيبة البغالة في لندن ، وعملا على إعادة تشكيلها ، لكنهما اصطدما بمعارضة شديدة ، ومن أوساط متعددة ، بما فيها المنظمة الصهيونية نفسها. وانبرى لتأييدهما وزير الداخلية في الحكومة البريطانية ، اليهودي الصهيوني هربرت سامويل (الذي أصبح لاحقا أول مندوب سام على فلسطين بعد الانتداب البريطاني). وبفضل جهود سامويل ، تشكلت «كتيبة القناصة الملكية» ، بقيادة الكولونيل باترسون (آب / أغسطس ١٩١٧ م) ، وانتقلت إلى فلسطين عبر فرنسا ومصر ، وشاركت في الحرب في حملة أللنبي.
وفي الولايات المتحدة ، وبعد إعلانها الحرب على ألمانيا ، تشكلت كتيبة أخرى ، ضمت نحو ٥٠٠٠ نفر (كانون الثاني / يناير ١٩١٨ م). وقام بتشكيلها دافيد بن ـ غوريون (الذي أصبح لاحقا أول رئيس حكومة لإسرائيل) ويتسحاق بن ـ تسفي (الذي أصبح بدوره ثاني رئيس دولة في إسرائيل). وكان الاثنان قد طردا من فلسطين ، ووصلا إلى الولايات المتحدة للعمل على دفعها إلى دخول الحرب. وانضم إلى هذه الكتيبة متطوعون من كندا والأرجنتين ، ووصل قسم منهم إلى فلسطين ، وشارك في القتال مع جيش أللنبي ، والقسم الآخر وصلها بعد الحرب. كما تشكلت كتيبة ثالثة في فلسطين بعد احتلال الجزء الجنوبي منها (١٩١٧ م) ، إذ قام قائد الفرقة الإسكتلندية ، الجنرال هيل ، بعرض الفكرة على بعض قادة المستوطنين ، فقبلوها. وكان بين هؤلاء راحيل ينئيت (زوجة بن ـ تسفي لاحقا) وإلياهو غولومب (من مؤسسي الهاغاناه