كانون الثاني / يناير ١٩١٩ م ، والمتعلقة باستقلال البلاد العربية في حدود معينة. وأورد فيصل في نص الاتفاق ، الذي وقعه مع وايزمن ، أن أيّ انحراف عن تلك الشروط يجعله في حل منه. وقد نشرت الأوساط الصهيونية نصّ الاتفاق سنة ١٩٣٦ م ، أي بعد موت فيصل. أمّا المصادر العربية فتنفي وجود مثل هذا الاتفاق. وتؤكد شخصيتان كانتا مع فيصل في حينه (عوني عبد الهادي وفايز الغصين ، وكلاهما فلسطيني) أن فيصل لم يوقع قط مثل هذا الاتفاق ، وأن لا علم لهما بذلك أبدا.
وقدم الوفد العربي مذكرة إلى المجلس الأعلى لمؤتمر السلام في باريس ، حدّد فيها أهداف العرب بالاستقلال والوحدة ، وذلك في المنطقة الواقعة بين لواء الإسكندرون والمحيط الهندي. وأكدت المذكرة على عناصر الوحدة العربية ـ اللغة والدين والتراث ـ وعلى تطلعهم إلى الحرية ، وإمكان تحقيق ذلك ، ذاتيا وموضوعيا ، على أرضية الوعي القومي الذي يمتلكه العرب ، والطاقات المتوفرة لديهم ، والوسائل الحديثة الموجودة في بلادهم. وتضمنت المذكرة فقرة صيغت بلهجة تصالحية حذرة مع المشروع الصهيوني ، فلم ترفضه تماما ، لكنها أكدت على حقوق العرب في فلسطين. وأشارت إلى ضرورة إقامة إدارة في هذا البلد ، بإشراف دولة كبرى ، تضمن ازدهاره ، وتحافظ على التوازن بين الأجناس والأديان فيه. ودعت في النهاية الدول الكبرى إلى تسهيل استقلال العرب ووحدتهم ، والتخلي عن التنافس بينها ، والبحث عن المكاسب في الوطن العربي. وواضح أن أيدي موظفي الخارجية البريطانية كانت وراء هذه الصيغ ، التي تلمح ولا تصرح ، لكنها لا تخفي مراميها.
في المقابل قدم الوفد الصهيوني ، الذي كان يرئسه حاييم وايزمن وناحوم سوكولوف ، مذكرة طالبت الدول ب «الاعتراف بالحق التاريخي للشعب اليهودي في فلسطين ، وبحق اليهود في إعادة بناء وطنهم القومي فيها.» وفي ملحق المذكرة ، ورد تفصيل حدود الرقعة الجغرافية التي تطالب بها المنظمة الصهيونية ، كالتالي :
إن حدود فلسطين يجب أن تسير وفقا للخطوط العامة المبينة أدناه. تبدأ في الشمال عند نقطة على شاطىء البحر الأبيض المتوسط بجوار مدينة صيدا وتتبع مفارق المياه عند تلال سلسلة جبال لبنان حتى تصل إلى جسر القرعون. فتتجه منه إلى البيرة متبعة الخط الفاصل بين حوضي وادي القرعون ووادي التيم ، ثمّ تسير في خط جنوبي متبعة الخط الفارق بين المنحدرات الشرقية والغربية لجبل الشيخ (حرمون) حتى جوار بيت جن ، وتتجه منها شرقا بمحاذاة مفارق المياه الشمالية لنهر مغنية حتى تقترب من سكة حديد الحجاز إلى الغرب منها.
ويحدها شرقا خط يسير بمحاذاة سكة حديد الحجاز وإلى الغرب منها