الفخار في فلسطين وقد أطلق المنقب هذا الاسم عليها ، لأنها تقع في دلتا اليرموك ، عند مصبه في الأردن ، حيث الموقع محصن بصورة طبيعية ، ولذا استمر الاستيطان فيه لفترة طويلة ، والفخار الذي وجد فيه يقارب الفخار السوري. لكن أهم ما يميّز الآثار اليرموكية هو التماثيل المصنوعة من الطين لرؤوس نساء ، ودمى نسائية مبسطة ومختزلة ، وكذلك دمى لأنواع معينة من الحيوانات التي أولوها اهتماما خاصا. وقد وجد في الموقع أكثر من مئة دمية ، وتماثيل طينية وحجرية ورسوم فنية ، تتعلق في أغلبيتها بالخصوبة البشرية.
المخلفات الأثرية التي اصطلح على تسميتها الحضارة اليرموكية ، عثر عليها في مناطق واسعة من بلاد الشام ، تمتد من سهل العمق ، في شمال سورية ، إلى جبيل ، في لبنان ، فالساحل الفلسطيني ، وغور الأردن ، وكذلك في شرقي الأردن ، في موقع عين غزال ، بالقرب من الزرقاء ، وفي جنوبه أيضا. أمّا المرحلة التالية ، وهي الأخيرة من النيوليت ، فقد كشف عن مواقع كثيرة تعود إليها ، ومنها : مجدّو (تل المتسلم ، في مرج ابن عامر) وأريحا وبيسان وتل بلاطة وتل الفارعة (بالقرب من نابلس) ، وغيرها.
رابعا : العصر الحجري – النحاسي
(الكالكوليت)
يمثل هذا العصر الانتقال من العصور الحجرية إلى المعدنية (البرونز) ، والذي حدث بالتدريج خلال الألف الرابع قبل الميلاد. وكما يدل اسمه ، فإن تصنيع النحاس ، واستعماله في أدوات عمل الإنسان وزينته ، أصبحا رائجين ، إلى جانب استمرار شيوع الأدوات الصوانية والفخارية والعظمية. ويكتسب هذا العصر ، على قصر فترته الزمنية نسبيا ، أهمية خاصة ، نظرا إلى الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية التي حققها إنسان النيوليت في مراحله الأخيرة ، قبل الانتقال إلى عصر المدن ، وذلك في فلسطين ، كما في الشرق الأدنى القديم كله ، إذ نشهد تسارع المسار الحضاري ، ماديا وروحيا ، وفي مناطق واسعة من الهلال الخصيب ومصر.
فالازدهار الاقتصادي القائم على الزراعة والرعاية ، مع شيء من التجارة ، أعطى دفعا لتطور مفاهيم دينية واجتماعية ، جرى التعبير عنها بالعبادات ، وخصوصا في طقوس دفن الموتى ، وفي بناء المؤسسات التي من خلالها جرى تنظيم الحياة في المجتمعات المستقرة ، وإقامة المشاريع العامة ، وصولا إلى بناء المدن ، أو تطور القرى الدائمة إلى مدن ، في العصر اللاحق (البرونز). وتثير الأنصاب الحجرية