لكن من دون وضع سقف للاستيطان اليهودي عدديا. وكانت هناك مجموعات صغيرة أخرى ، مثل الصهيونيين العموميين والمزراحي ، التي دعمت بصورة عامة سياسة وايزمن وتيار الوسط.
وخلال الأحداث ، أدّت الهاغاناه دورا هامشيا إلى جانب القوات البريطانية. وبرز ذلك في القدس وتل أبيب وحيفا ، أمّا في المناطق الأخرى فكان دورها ضئيلا أو معدوما. ونتيجة هذا الوضع ، واتهام القيادة الصهيونية حكومة الانتداب بالتقصير في حماية المستوطنين ، والتقاعس في قمع الانتفاضة الجماهيرية العربية ، فقد ارتفعت أصوات تنادي بضرورة تطوير الهاغاناه ، لتصبح أداة للعمل العسكري الصهيوني الذاتي. وكان التوجه الأول نحو تشكيل قيادة قطرية ، تنسق العمل العسكري في البلاد كلها. واشترك في هذه القيادة ممثلون مدنيون محليون ، لكن هذه الشراكة لم تدم طويلا. فاعتراضا على هيمنة الهستدروت ، وبالتالي حزب مباي ، على الهاغاناه ، انقسمت المنظمة ، وشكّل التنقيحيون منظمة موازية هي «التنظيم ب». كما انقسمت اللجنة القيادية ، ومالت الأحزاب غير العمالية إلى جانب التنقيحيين ومنظمتهم. ومع أنه كان هناك تنسيق بين المنظمتين ، توصل إليه بن ـ غوريون مع جابوتنسكي ، لكن الانقسام ظل قائما حتى سنة ١٩٣٧ م. ومع ذلك ، فقد راحت كل منظمة تطور ذاتها ، وتسلح نفسها ، وتحسن من تدريب أعضائها وكوادرها القيادية.
ه) الكتاب الأبيض الثاني
شكلت أحداث سنة ١٩٢٩ حافزا على تحوّل نسبي في سياسة حكومة لندن العمالية تجاه المشروع الصهيوني ، اعتبرته الوكالة اليهودية ارتدادا عن وعد بلفور ، فهبت لمقاومته. والواقع أن اللورد باسفيلد (سدني وب) ، وزير المستعمرات (١٩٢٩ ـ ١٩٣١ م) ، أدخل خطا جديدا تجاه مسألة فلسطين في وزارته ، وجعله سياسة رسمية للحكومة ، برئاسة رامزي مكدونالد. وفي هذه الفترة ، برز اتجاهان مناوئان للمشروع الصهيوني : الأول عمالي ، يرى فيه مشروعا استعماريا ، يقوده أغنياء اليهود في إنكلترا والولايات المتحدة ، لاستغلال فلسطين وسكانها اقتصاديا ؛ والثاني محافظ ، يساوره القلق من النزعات الشيوعية لدى المهاجرين اليهود من روسيا. وكلاهما دعا إلى وضع قيود على الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وإزاء هذه التوجهات لحكومة العمال في لندن ، تحركت المنظمة الصهيونية ، في بريطانيا والولايات المتحدة ، لممارسة أنواع الضغوط جميعها على حكومة مكدونالد ، وإجبارها على التراجع عن خطها السياسي ، ونجحت بذلك. وفي ١٦ أيلول / سبتمبر ١٩٢٩ م ، اقترح مجلس عصبة الأمم على