لإعلان الدولة اليهودية. وعندما اغتال المتطرفون رئيس الدائرة السياسية للوكالة اليهودية في فلسطين ، الدكتور حاييم أرلوزوروف (١٦ تموز / يوليو ١٩٣٣ م) ، وصلت الأمور بين الجناحين إلى حد الاقتتال. وفي المؤتمر الصهيوني الثامن عشر (١٩٣٣ م) ، احتل هذا الخلاف الموضوع الرئيسي في مداولات المؤتمر. وفي سنة ١٩٣٤ م ، توصل بن ـ غوريون إلى صيغة عمل مع جابوتنسكي ، تقوم على هدنة سياسية ، وتنظيم علاقات عمل بين الهستدروت ونقابة العمال القومية. إلّا إن هذه الاتفاقية رفضت في الاستفتاء الذي أجرته الهستدروت سنة ١٩٣٥ م ، وبقي الشقاق بين التيارين قائما ، وشكل التنقيحيون منظمتهم الخاصة. وفي المؤتمر الصهيوني التاسع عشر (١٩٣٥ م) الذي عقد بغياب التنقيحيين ، أعيد انتخاب وايزمن رئيسا للمنظمة الصهيونية ، كما انتخب موشيه شاريت (شرتوك) رئيسا للدائرة السياسية في الوكالة اليهودية ، وكان يشغل ذلك المنصب منذ اغتيال أرلوزوروف ، فاستمر فيه.
وتصاعدت الحملات المتبادلة بين ألمانيا النازية والمنظمة الصهيونية ، وتحركت الأخيرة بالدعوة إلى مقاطعة البضائع الألمانية ، وخصوصا في السوق الأميركية ، وعبر المؤسسات المالية والتجارية اليهودية. وفي حملتها هذه ، سعت المنظمة للحصول على دعم الولايات المتحدة وبريطانيا وعصبة الأمم لإزالة القيود المفروضة على هجرة اليهود إلى فلسطين. وفي نهاية سنة ١٩٣٣ م ، أعلنت الوكالة اليهودية أنها جمعت خمسة وعشرين مليون دولار لدعم الهجرة والاستيطان في فلسطين ، وخصوصا من بولونيا وألمانيا ، في حين عقد بعض أطراف المنظمة الصهيونية صفقة مع الحكومة الألمانية ، تقضي بالسماح للراغبين من اليهود بالهجرة ، على أن تعوضهم الحكومة عن أملاكهم ببضائع ألمانية الصنع. في المقابل ، وتحت ضغط هذه الحملة الإعلامية والاقتصادية ، وبذريعة الخطر الداهم على يهود أوروبا الوسطى ، رفعت الحكومة البريطانية سقف تصاريح الهجرة السنوية ثلاثة أضعاف ، وظلت تزيدها حتى وصلت سنة ١٩٣٥ م إلى ستين ألفا. وكان طبيعيا أن يثير كل هذا ردّة فعل في أوساط الشعب الفلسطيني ، فتطورت النشاطات المناهضة للهجرة اليهودية وإغراق البلد بالمستوطنين والسيطرة على اقتصادها والإمساك بزمام السلطة فيها ، الأمر الذي أدّى في نهاية المطاف إلى اندلاع «الثورة العربية الكبرى».
سابعا : الثورة العربية الكبرى
دشّن ارتداد حكومة العمال البريطانية (شباط / فبراير ١٩٣١ م) مرحلة جديدة في الصراع بشأن فلسطين. ففي لندن هزم أنصار الكتاب الأبيض أمام التحالف المؤيد