١٩٣٦ م ، صدر بيان مشترك عن الملك ابن سعود والملك غازي بن فيصل ، والأمير عبد الله بن الحسين ، موجه إلى رئيس اللجنة العربية العليا ، وعبره «إلى أبنائنا عرب فلسطين» ، هذا نصه : «لقد تألمنا كثيرا للحالة السائدة في فلسطين ، فنحن بالاتفاق مع إخواننا ملوك العرب والأمير عبد الله ، ندعوكم للإخلاد إلى السكينة حقنا للدماء ، معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل ، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم.» وفي اليوم التالي ، أصدرت اللجنة العربية العليا بيانا ، هذا نصه : «قررت اللجنة العربية بالإجماع ، وبعد استشارة مندوبي اللجان القومية ، والحصول على موافقتهم باتفاق الآراء أن تلبي نداء أصحاب الجلالة ملوك العرب وسمو الأمير بالبيان المنشور أعلاه ، وأن تدعو الأمة العربية الكريمة في فلسطين للإخلاد إلى السكينة ، وإنهاء الإضراب والاضطراب ابتداء من صباح الاثنين المبارك الواقع في ٢٦ رجب ١٣٥٥ ه / ١٢ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٣٦ م ، وأن يبكر أفراد الأمة الكريمة في صباح ذلك اليوم إلى معابدهم لإقامة الصلاة على أرواح الشهداء ، ورفع الشكر لله تعالى على ما ألهمهم من صبر وجلد ، ثم يخرجون من المعابد لفتح مخازنهم وحوانيتهم ومزاولة أعمالهم المعتادة ، والله ولي التوفيق.»
واستجاب الفلسطينيون لنداء اللجنة العربية العليا ، بالرضا والأمل المشوب بالحذر. وبذلك انتهى أطول إضراب شهدته فلسطين (١٧٦ يوما). وكذلك ، أعلنت قيادة الثورة وقف العمليات العسكرية ، وابتدأت هدنة ، بحسب الاتفاق بين اللجنة والحكومة. وعاد المقاتلون المحليون إلى بيوتهم ، محتفظين بسلاحهم ، بينما ظل المتطوعون العرب مع قيادتهم في منطقة نابلس. ولم يرق الأمر للقيادة العسكرية البريطانية ، التي لم تكن راضية عن الاتفاق ، وراحت تستعد لاستئناف القتال مع المتطوعين العرب. فهبت اللجان القومية ، ومعها المسلحون من أبناء البلد ، معلنين العودة إلى الثورة ، فسارعت الحكومة إلى وقف العمليات العسكرية ، على أن يغادر القاوقجي ورجاله ، فعبر نهر الأردن شرقا في ٢٥ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٣٦ م.
ج) مشروع التقسيم الأول
بعد وقف الإضراب ، وتجميد العمليات العسكرية ، ودخول الهدنة حيز التنفيذ ، وصلت اللجنة الملكية للتحقيق (لجنة بيل) في ١١ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٣٦ م. وقاطعت اللجنة العربية استقبالها ، ورفضت التعامل معها ، بسبب ما ورد في خطاب أورمسبي ـ غور في مجلس العموم (٥ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٣٦ م) ، الذي بدا أنه استباق لنتائج عمل اللجنة ، وتأكيد على التزام حكومة لندن بالمشروع الصهيوني ،