مدن فلسطين الأخرى ، من أهمها ما وقع في يافا ، في الأحياء المجاورة لتل أبيب ، حيث دمرت بيوت. وقد شلّ الإضراب جميع مرافق الحياة ، وشكل نقطة انعطاف في الصراع نحو المقاومة المسلحة لقرار التقسيم.
وفي هذه الأجواء المشحونة بالتوتر ، عقدت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية دورة اجتماعات في القاهرة في الفترة ٨ ـ ١٧ كانون الأول / ديسمبر ١٩٤٧ م ، حضرها رؤساء الحكومات ، للبحث بما يجب عمله. وفي نهاية الدورة ، أصدر مجلس الجامعة بيانا استنكر التقسيم وأكد العزم على مقاومته. وبعد عرض للقرار ومثالبه ، ورد في البيان أن
حكومات دول الجامعة العربية تقف صفا واحدا في جانب شعوبها في نضالها لتدفع الظلم عن إخوانهم العرب وتمكنهم من الدفاع عن أنفسهم وتحقيق استقلال فلسطين ووحدتها. وقد قرر رؤساء وممثلو هذه الحكومات ... أن التقسيم باطل من أساسه وقرروا كذلك عملا بإرادة شعوبهم أن يتخذوا من التدابير الحاسمة ما هو كفيل بإحباط مشروع التقسيم الظالم ونصرة حق العرب فإنهم قد وطدوا العزم على خوض المعركة التي حملوا عليها وعلى السير بها حتى نهايتها الظافرة ...» (١)
ج) الحسم العسكري
في المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرين (١٨ كانون الأول / ديسمبر ١٩٤٦ م) ، قال بن ـ غوريون ، الذي تولى مسؤولية دائرة الأمن في الوكالة اليهودية ، إضافة إلى منصبه كرئيس لها ، وذلك في جلسة مغلقة للجنة السياسية ، ما يلي : «إن المشكلة الرئيسية هي مشكلة الأمن ... وإلى فترة قريبة ماضية كانت المسألة هي فقط كيف نحمي أنفسنا من عرب أرض ـ إسرائيل الذين لم تكن لديهم ، مثلنا ، أجهزة رسمية ، وكانوا من فترة إلى أخرى يهاجمون تجمعات سكانية يهودية ... لكننا نقف الآن في مواجهة وضع مختلف تماما. إن أرض ـ إسرائيل محاطة بدول عربية مستقلة ... دول يحق لها أن تشتري السلاح وتصنعه ، وأن تنشىء الجيوش وتدربها ... إن هجمات عرب أرض ـ إسرائيل لا تشكل خطرا على الاستيطان اليهودي ، لكن هناك خطر يتمثل في أن ترسل الدول العربية المجاورة جيوشها لمهاجمة الاستيطان وإبادته ... ولا يجوز لنا الانتظار حتى يصبح الخطر جاثما. علينا أن نبدأ بالإعداد فورا ، بأقصى ما لدينا من قدرة تقنية ومالية ... إن مشكلة الأمن تحتل مكان الصدارة ، لأن وجودنا
__________________
(٦٧) «القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٢٥١.