والأداة ، وبالتالي تأهيل الأداة وتسليحها وتوفير مستلزماتها وتوحيد قيادتها وخططها ... إلخ. وبينما عادت الهيئة العربية العليا وتشكلت (١٩٤٦ م) بتدخل من الجامعة العربية ، إلّا إنها لم تكن مؤهلة ، لا شكلا ولا مضمونا ، لإدارة مثل هذه المعركة. وعندما طرح الحاج أمين في اجتماع عاليه تشكيل حكومة فلسطينية ، اعترض بعض الدول العربية ، فأرجىء الأمر. ومع أن اللجنة العسكرية ، التي تشكلت بقرار من الجامعة ، أوصت بإيلاء الفلسطينيين مسألة الدفاع عن بلدهم ، إلّا إنه لم تتخذ إجراءات تمكنهم من ذلك ، لا ذاتيا ولا موضوعيا.
ومع ذلك ، فمنذ بداية سنة ١٩٤٧ م ، بدأت مجموعات عربية مسلحة تغير على المستعمرات في وسط البلاد ، ومع حلول الربيع ، اتخذت وضعا أكثر تنظيما ، وعقدت اجتماعا (٥ نيسان / أبريل ١٩٤٧ م) للتنسيق بينها وتكثيف نشاطها. وبلغت هذه الأعمال ذروتها في أحداث يافا ـ تل أبيب (٣ آب / أغسطس ١٩٤٧ م) ، إذ جرت اشتباكات عنيفة في الأحياء المتجاورة بين المدينتين ، قتل فيها عدد من الأشخاص ، وأحرقت منازل ومتاجر ومستودعات ، وتواصلت بعدها الأعمال الانتقامية بين الجانبين وتصاعدت. أمّا البريطانيون ، فبعد إجلاء عائلاتهم ، أصبحوا يعيشون في المعسكرات ، ولا يتجولون إلّا في مهمات محددة. وبناء على أوامر صارمة من لندن ، تصرف الجيش البريطاني إزاء الإرهاب الصهيوني بدرجة عالية من ضبط النفس ، حتى عندما قتل جنود بريطانيون ، وجلد ضباط ، وشنق رقباء.
وبعد البيانات العربية بشأن مقاومة قرار التقسيم بالقوة ، أعادت الهاغاناه تنظيم قواتها. فقسمت إلى تشكيلين قطريين : ١) الجيش (هحايل) ، الذي اشتمل على كتائب البلماح وقوة الميدان ، وكان يتعين عليه مواجهة الأخطار الخارجية ؛ ٢) الحرس (همشمار) ، الذي ضم قوة الحراسة ، وكان مخصصا للدفاع تجاه الأخطار المحلية. وتقرر أن يتشكل الجيش من أربعة ألوية : لواء الشمال من ٥ كتائب ، لواء الوسط من ٣ كتائب ، لواء الجنوب من ٥ كتائب ، ولواء القدس من كتيبتين. أمّا الحرس فيرابط في ١٤ منطقة ، منها ٣ مدينية ، و ١١ ريفية. وتكون كل منطقة وحدة إدارية لأغراض التدريب والإعداد والدفاع المحلي. واتّخذ قرار أن يكون الجيش كله خاضعا مباشرة لرئيس هيئة الأركان العامة ، الذي يصدر أوامره مباشرة إلى قادة الألوية. وكذلك كان الحرس في أوقات السلم ، أمّا في الحرب ، فتتبع المناطق لقيادة الجيش العامل فيها.
في المقابل ، لم تتخذ في الجانب العربي إجراءات منسجمة مع القرارات السياسية المعلنة. وفي فلسطين ذاتها ، حيث الإحساس المباشر بالاستعدادات الصهيونية للمعركة ، كانت الخطوات المضادة مبعثرة ، ولا ترقى إلى المستوى