المجدل وتموضعت فيها. وبذلك سيطرت القوات المصرية على الطريق المؤدية إلى المستعمرات في الجنوب. وفي ٢٩ أيار / مايو ١٩٤٨ م ، تحرك اللواء المصري الثاني إلى أسدود ، واحتل مواقع شماليها ، وتخندق هناك بعد أن اصطدم بتعزيزات صهيونية ، جاءت من منطقة رحوفوت لصدّ الهجوم ، الذي أصبح على بعد ٣٢ كلم من تل أبيب ، الأمر الذي خفف الضغط على القوات الأردنية في منطقة اللد والرملة.
أمّا الرتل المصري الثاني ، الذي أخذ الطريق الداخلي في اتجاه بئر السبع ، فكان يتقدم بسرعة ومن دون مقاومة. فدخل بئر السبع بتاريخ ٢٠ أيار / مايو ١٩٤٨ م ، وتابع تقدمه ، فوصلت طلائعه إلى بيت لحم ، حيث التقى مع الوحدات الأردنية ، بينما كانت قوات الفدائيين المصريين (الإخوان المسلمين) قد وصلت إلى مسافة ٧ كلم جنوبي القدس ، فأدّى ذلك إلى حدوث توتر مصري ـ أردني ، أثّر في مجرى الحرب ، واستفاد منه العدو.
وفي ليل ٢ ـ ٣ حزيران / يونيو ١٩٤٨ م ، قامت القوات الصهيونية بهجوم على أسدود لتدمير اللواء المصري ، بعد أن قصفته بالمدفعية الجديدة التي تسلمتها للتوّ من أوروبا ، وكذلك بالطيران الذي وصل حديثا ، وكان يعمل بطواقم من متطوعين جاؤوا من الخارج أيضا. وفشل هذا الهجوم على محوريه ـ الشمالي والجنوبي ـ بفعل صمود الجنود المصريين ، الذين توقعوا الهجوم ، وتصدوا له في الوقت الملائم ، وأنزلوا بالمهاجمين خسائر كبيرة اضطرتهم إلى الانسحاب. ومع ذلك ، فهذا الهجوم جعل اللواء المصري يتحول إلى الدفاع ، ويتخندق شمالي أسدود ، ولم يحاول التقدم شمالا في اتجاه تل أبيب. وبدلا من ذلك ، توجهت القوات المصرية لتأمين التواصل بين رتليها ، فتم احتلال مستعمرة نتسانيم ، وفشل الهجوم على نغبا ، ومع ذلك ، وقبل الهدنة الأولى ، كانت القوات المصرية قد عزلت النقب تماما ، ولاحقا أخليت مستعمرة كفار داروم.
و) الهدنة الأولى
لم تكن الجيوش العربية بحاجة إلى هدنة ، والقطاعات المشاركة منها في الحرب كانت صغيرة ، وفي الإمكان تعزيزها أو تبديلها وتسليحها ، لو توفرت الجدية في تطبيق الأهداف المعلنة لدخولها إلى فلسطين. ولكن الهدنة كانت ضرورة حيوية للقوات الصهيونية ، إذ في مواجهة خمس جبهات مفتوحة ، تأخذ الجيوش العربية فيها زمام المبادرة ، وجدت تلك القوات نفسها في موقع الدفاع ، وبالتالي تشتيت القوى ،