على الرغم من الخسائر الكبيرة التي دفعتها ثمنا لذلك.
وعلى الجبهة الجنوبية ، بادر الجيش المصري قبل انتهاء الهدنة (٨ تموز / يوليو ١٩٤٨ م) إلى احتلال مفترق الطرق الرئيسي في الجنوب (بيت دراس وجولس ونغبا) ، وحقق نجاحا جزئيا باحتلاله النقطة ١١٣ ، وكذلك كوكبا وحليقات ، إلّا إنه أخفق في احتلال نغبا ، كما فشل هجومه على بئيروت يتسحاق. ومع ذلك تمّ إخلاء كفار داروم. فبادرت القوات الإسرائيلية إلى عملية مافت لبوليش (الموت للغازي) ، التي كانت ترمي إلى فتح طريق النقب ، وقطع التواصل بين انتشار القوات المصرية ، لكن العملية فشلت في تحقيق أهدافها ، وظل طريق النقب مقطوعا ، والمستعمرات فيه معزولة ، وعشية إعلان الهدنة الثانية (١٨ تموز / يوليو ١٩٤٨ م) ، وفي مقابل موقع كرتيا ، الذي احتلته القوات الإسرائيلية ، احتل الجيش المصري سبعة مواقع ، الأمر الذي ترك النقب معزولا ، بينما ظلت طرق مواصلات الجيش المصري مفتوحة.
ح) الهدنة الثانية
اجتمع مجلس الأمن في ١٥ تموز / يوليو ١٩٤٨ م ، وأصدر قرارا يقضي باعتبار الحالة في فلسطين تهديدا للسلم ، وأمر الطرفين بوقف إطلاق النار في الموعد الذي يحدده الوسيط الدولي ، مهددا باتخاذ إجراءات ضد أي طرف لا يمتثل لأوامره. وبدأت الهدنة الثانية بتاريخ ١٩ تموز / يوليو ١٩٤٨ م ، من دون تحديد موعد لنهايتها. وتوقف القتال بداية ، ليعود متقطعا في ظل الهدنة الثانية إلى نهاية الحرب. وفي ردّها على قرار مجلس الأمن ، قالت اللجنة السياسية للجامعة العربية (١٩ تموز / يوليو ١٩٤٨ م) : «إن الحكومات العربية لا ترى تعليلا لموقف مجلس الأمن إلّا رغبة بعض الدول الكبرى في تمكين اليهود من فلسطين على حساب العرب والإنسانية تحقيقا لمآربها الخاصة.» وجاء في بيان اللجنة السياسية أن الجيوش العربية ستظل مرابطة في مراكزها داخل الحدود الفلسطينية ، حاضرة لاستئناف عملها ، إلى أن تتحقق الغاية التي دخلت فلسطين من أجلها. (١) وبينما برنادوت يعد مشروعا جديدا للتقسيم ، والدول العربية مربكة جرّاء الحالة التي تشكلت بعد معارك «الأيام العشرة» ، واحتلال المدن وتهجير سكانها ، كانت القيادة الإسرائيلية تعد لاستكمال خطتها ، وتهيّىء مستلزمات المرحلة اللاحقة من القتال. فاستقدمت آلاف المتطوعين من ذوي الخبرات والكفاءات ، كما استوردت كميات كبيرة من الأسلحة المتعددة ـ زوارق
__________________
(٨٢) «القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٢٦٧.