وفي جلسته بتاريخ ١ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٤٨ م ، أقرّ المجلس استقلال فلسطين بحدودها الطبيعية «استقلالا تاما ، وإقامة دولة حرة ديمقراطية ذات سيادة ، يتمتع فيها المواطنون بحرياتهم وحقوقهم ، وتسير وشقيقاتها الدول العربية متآخية في بناء المجد العربي وخدمة الحضارة الإنسانية ، مستلهمين في ذلك روح الأمة ، وتاريخها المجيد ، ومصممين على صيانة استقلالنا والذود عنه.» وواضح أن البيان كان بمثابة إعلان نوايا ، وتبرئة ذمة إزاء ما وصلت إليه الأمور. وفي أثناء انعقاد المجلس في غزة ، كان مؤتمر فلسطيني وطني آخر يعقد في عمان ، يستنكر تشكيل حكومة عموم فلسطين ، ويعلن الولاء للملك عبد الله ، ويناشده «بسط حمايته على فلسطين.» (١)
ط) مرحلة القتال الثالثة والأخيرة
كانت خطة عملية يوآف تنطوي على مرحلتين :
«أ) دق وتد في اتجاه الساحل ، من داخل النقب ، بهدف تهديد وعزل القوات المصرية الموجودة في شمالي هذا الوتد ، والتي كانت المجدل مركزها.
«ب) اختراق شريط المجدل ـ بيت جبرين لتحقيق الاتصال بالقوات في النقب ، وبالتالي تصفية جزء كبير من قوات العدو المعسكرة في هذا الشريط بالتحديد.» (٢) وفضلا عن عمليات صغيرة ذات قيمة تكتيكية ، كلف لأول مرة سلاح الجو الإسرائيلي بضرب الطائرات المصرية وهي جاثمة على أرض المطار ، وغير ذلك من الأهداف. وانطلقت العملية في ١٥ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٤٨ م ، وقاتلت القوات المصرية معارك دفاعية ضارية ، وصدت الهجوم الكبير على عراق المنشية (١٦ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٤٨ م) ، مكبدة المهاجمين خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد ، الأمر الذي طرح على القيادة الإسرائيلية مسألة العدول عن استكمال العملية. وجرى تعديل على الخطة ، وتحوّل الهجوم عن عراق المنشية إلى النقطة ١١٣ ، بقصد إحراز نجاح معنوي بعد الهزيمة ، وفتح طريق فرعي إلى النقب. وحققت القوات الإسرائيلية نجاحا مكلفا باحتلال هذا الموقع ، لكن الطريق إلى النقب ، ظل مغلقا ، إذ فشل الهجوم على حليقات. وعادت تلك القوات (١٩ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٤٨ م) واحتلتها في معارك ضارية ، وفتح الطريق إلى النقب.
وفي ٢٠ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٤٨ م تمّ احتلال بئر السبع ، بعملية مفاجئة من
__________________
(٨٥) «القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٢٧٤.
(٨٦) «حرب فلسطين ، ١٩٤٧ ـ ١٩٤٨» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٦٣٠.