أنهم الهكسوس ، كما يسميهم المصريون القدماء.
ويرى الكثيرون من المؤرخين وعلماء الآثار أن العموريين أدّوا دورا رئيسيا في التطورات التي وقعت في الشرق الأدنى القديم ، في نهاية الألف الثالث وبداية الألف الثاني قبل الميلاد. ففي هذه الفترة بلور هؤلاء شخصيتهم الحضارية والسياسية في بلاد الشام ، ولمّا ضعفت قبضة السلطة المركزية في كل من العراق ومصر ـ الإمبراطورية الأكادية والمملكة القديمة على الترتيب ـ برز العموريون كقوة حاسمة في المنطقة ، وتوغلوا في أراضي الطرفين ، ليقوموا فيهما بدور كبير على مسرح الأحداث. وبذلك أرسى العموريون نمطا في جدل العلاقة المثلثة الجوانب ، راح يتكرر المرة تلو الأخرى ، بين مصر وبلاد الشام والعراق.
وإذا كانت المصادر العراقية توفر لنا معلومات أكثر عن الداخل السوري ، نظرا إلى الصلات الوثيقة بينهما ، فإن الوثائق المصرية تقدم مزيدا من المعلومات عن فلسطين والساحل السوري. فبعد انهيار الإمبراطورية الأكادية الأولى ـ سلالة سرجون ـ قامت سلالات عمورية متعددة ، ارتبطت بوحدة إثنية ـ حضارية ، على الرغم من التباين السياسي الذي ساد العلاقات بينها. ففي العراق قامت سلالات في كل من : إيسن ولارسا وبابل وأشور وأشنونا وكرانا. وفي سورية : ماري (تل الحريري) وإبلا (تل مرديخ) ويمحاض (حلب) والالاخ (تل عطشانة) وقادش (تل النبي مند) وقطنا (تل المشرفة) وحاصور (تل القدح أو تل وقاص) وغيرها في فلسطين.
وإذ تضيف التنقيبات المستمرة معلومات جديدة عن الحضارة المادية لفلسطين في هذا العصر ، فإنه لم يعثر حتى الآن على نص واحد مكتوب ، وبناء عليه ، فهناك القليل يمكننا قوله عن السياسة والمجتمع والدين واللغة. إلّا إنه منذ ظهور الكتابة في مصر ، وذلك في بداية المملكة الموحدة الأولى نحو سنة ٣٠٠٠ ق. م. ، هناك إشارات إلى فلسطين وغرب آسيا. فقد استعمل المصريون القدماء مصطلحات متعددة في تسميتهم جيرانهم إلى الشرق (سيناء) ، وإلى الشمال الشرقي (فلسطين). وفي هذه التسميات درجة من الاستخفاف والازدراء (وخصوصا تجاه الجماعات غير الحضرية) ، كما إنها تنم عن معرفة بدائية بالجغرافيا ، ووعي جنيني بالانتماءات الإثنية واللغوية لسكان هذه المناطق.
ولا شك في أن الفراعنة الأوائل تطلعوا إلى مدّ نفوذهم في سيناء وفلسطين ، فقد أولوا أهمية خاصة لمناجم النحاس ومقالع الفيروز في سيناء ، وإن لم يكن لشيء إلّا لحماية هذه الموارد ، فقد كان طبيعيا أن يسعوا لتأسيس قاعدة لنفوذهم في فلسطين. وفي الواقع ، فهناك دلائل على قيام فراعنة السلالات الأولى من المملكة