البرونز المعدن الرئيسي في صناعة الأسلحة ، فالاعتقاد السائد الآن هو أن الهكسوس كانوا أوّل من أدخل الحصان والمركبة الخفيفة السريعة ، ذات الدولابين ، إلى ساحة المعركة في الحرب. وبذلك أوجدوا قوات عسكرية صاعقة ، لم تستطع جيوش المشاة التي واجهتهم الصمود أمامها.
وبناء مثل هذه القوات العسكرية تطلّب إنشاء جيش نظامي ، لما يستلزمه ذلك ، سواء لناحية التدريب المستمر أو أداء الواجب. فكان طبيعيا أن تتشكل طبقة من العسكريين ، والنبلاء من قادتهم ، أعطوا إقطاعات ، يعمل فيها عبيد ، يحكمهم الفرسان. وكان هؤلاء يعرفون باللقب مريان ، أي أبطال شجعان ، ويعتقد بعض الذين يردون الهكسوس إلى أصول هندية ـ أوروبية ، أن هذا المصطلح مشتق من لغة هندية ـ إيرانية. غير أنه ليس كذلك بالضرورة ، فالكلمة مار تعني السيادة والشجاعة في اللغات السامية ، والمصطلح ذو مرّة لا يزال يستعمل في اللغة العربية حتى الوقت الحاضر.
ويستفاد من المعلومات المتوفرة أن النظام السياسي ـ الاجتماعي الذي ساد إمبراطورية الهكسوس كان إقطاعيا. فالملك منح النبلاء العسكريين إقطاعات ، أداروها بأعوانهم من الفرسان ، واشتغل فيها أهلها المحليون أو عبيد من أسرى الحرب. وقد انتشر هذا النظام في غرب آسيا كلها في تلك الفترة ، وفي شمال مصر ، واستوجب بطبيعته بناء حاميات عسكرية ، كانت بمثابة مقرات للنبلاء وأعوانهم وجنودهم. وتدل على هذه الحاميات بقاياها المنتشرة في بلاد الشام ، وخصوصا في فلسطين ، وكذلك في مدن الهكسوس في الدلتا المصرية الشرقية ، مثل تل اليهودية (موقع عاصمتهم أفاريس).
وتتميز هذه الحاميات ـ المدن بنمط مستحدث من التحصينات ، فريد في نوعه. فحول الحصون أقيمت منحدرات ملساء هائلة من الردم واللبن المجفف (طمم) ، تحيط بها خنادق عميقة وشديدة الانحدار من الخارج. وفي الداخل ، قلعة مسوّرة ، هي مقام القائد ، وحولها الربض ، حيث أقام الفرسان ومعهم عدتهم وخيولهم ، ومستودعات سلاحهم ومؤنهم ... إلخ. وقد كشف عن مثل هذه التحصينات في مواقع كثيرة ، منها : تل الفارعة الجنوبي (شاروحين) وتل العجول (بيت عجلايم؟) وتل الدوير (لاخيش) وتل الجريشة (قرب يافا) وتل وقّاص أو تل القدح (حاصور) وتل كيسان (في سهل عكا) ، وكذلك في قادش (تل النبي مند) وقطنا (تل المشرفة) وحماة ، في سورية الوسطى ، وغيرها.
وما يتوفر لدينا من معلومات عن الهكسوس لا يؤيد كلام المؤرخ المصري