المواقع التالية : تل القدح (حاصور) وتل القاضي (لايش) في الغور الشمالي وتل المتسلم (مجدو) وتعنك في مرج ابن عامر وتل الفارعة الشمالي وتل بلاطة (شيكم) قرب نابلس وتل بيت مرسيم وتل الدوير (لاخيش) وتل أبو شوشة (جيزر) وتل الفارعة الجنوبي (شاروحين) وتل العجول (بيت عجلايم) ، في منحدرات جبال القدس الغربية حتى السهل الساحلي الجنوبي ؛ وتل السلطان (أريحا) وتل دير علّا في الغور الأوسط والجنوبي وتل كيسان (أفيك) وتل دور (أخشاف) ورأس العين وتل جريشة وعسقلان ، على الساحل من الشمال إلى الجنوب.
إن هذا العدد الكبير من المدن ، المنتشرة في مناطق فلسطين جميعها ، يشير إلى فترة من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي. كما ويبدو من توزيعها أن كل مدينة منها شكلت مركزا سياسيا ـ اقتصاديا في محيطها ، حيث انتشرت قرى زراعية تابعة لها ، الأمر الذي جعلها بمثابة مدينة ـ دولة. وكذلك ، فهذا الانتشار يدل على تنوّع مصادر الاقتصاد ـ زراعة وصناعة وتجارة. وعلى العموم ، فقد أقيمت هذه المدن في مواقع استراتيجية ، بالقرب من مصدر مياه ، وتحيط بها أراض زراعية ، كما يحتل عدد منها نقاطا مهمة على طرق التجارة الدولية الرئيسية ، التي تؤكد الوثائق المتوفرة ازدهارها في هذه الفترة.
فمن وثائق مصرية وسورية وعراقية معاصرة ، ترد معلومات مهمة عن المدن الفلسطينية في ذلك العصر ، علما بأنه لم يعثر حتى الآن على مثل هذه الوثائق في فلسطين. إلّا إن وثائق ماري (تل الحريري) ، وإبلا (تل مرديخ) والالاخ (تل عطشانة) وأوغاريت (رأس الشمرا) ، في سورية ، تزودنا بمعلومات مهمة عن الأوضاع السائدة في فلسطين ، خلال النصف الثاني من الألف الثالث ، والنصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد. ويستدل من هذه المعلومات أن علاقة تجارية وسياسية وحضارية قامت بين هذه الدول في سورية ، وبين مدن مهمة في فلسطين ، مثل : حاصور ولايش ومجدو ويافا وأسدود وغيرها.
وتكتسب وثائق إبلا ، المكتشفة حديثا ، والتي لا تزال قيد الدرس ، أهمية كبيرة ، تتعدى ما تقدمه من معلومات عن العلاقات بين بلاد الشام وكل من العراق ومصر ، والتي أدّت إبلا دورا مركزيا فيها. فهي تلقي أضواء غزيرة على ما هو معروف من وثائق ماري ، من جهة ، ومن المصادر المصرية ، من جهة أخرى ، ناهيك عما تضيفه من جديد ، لأنها أرشيف مدينة ـ دولة مهمة بحد ذاتها. وهي إذ تعيد معرفة الكتابة في بلاد الشام نحو ١٠٠٠ عام إلى الوراء عما كان يعتقد حتى الآن ، فإنها تؤكد الوحدة الحضارية ـ الإثنية ـ اللغوية لهذه البلاد ، وذلك على الرغم من غياب وحدتها