الكتبة المصريون يطلقونها على الشعوب التي لم تكن ترقى في نظرهم إلى مستواهم الحضاري.
ومن هذه النصوص الرواية التاريخية لرحلة الوزير سنوحي (سانهيت) ، الذي أمضى بحسب قوله فترة طويلة في فلسطين منتقلا. وإذ يفهم من روايته أن فلسطين لم تكن تحت الحكم المصري المباشر ، فإن أجزاء منها كانت في مناطق نفوذه ، نحو سنة ٢٠٠٠ ق. م. والوثيقة تقدم معلومات عن حياة الناس اليومية : عاداتهم ومأكلهم وملبسهم ... إلخ ، كما تتعرض لما تنتجه الأرض من المحاصيل : القمح والشعير والعنب والتين ، وتشير إلى انتشار زراعة الزيتون ، وتسمى البلد «الأرض التي تدرّ العسل واللبن.»
ويفهم من هذه الوثيقة المهمة أنه على أطراف المناطق الآهلة بكثافة ، والتي كانت تابعة للمدن الرئيسية ، عاشت جماعات لم تستقر تماما بعد ، فهي تتعاطى الزراعة ، بما في ذلك أشجار الفواكه ، كما تعمل في تربية قطعان الضأن والبقر ، من دون أن تترك الصيد. ونظامها الاجتماعي أقرب إلى القبلية ، إذ السلطة الفضفاضة في أيدي شيوخ القبائل ، الذين انتحلوا لقب «ملك». وبصورة عامة ، فالأسماء الواردة في هذه الوثيقة ، كما في غيرها ، سامية ـ غربية ، سواء أكان ذلك للأشخاص والجماعات أو المواقع ، وحتى الآلهة ـ حدد (هدد) وآنو وشماش (شمش) وبعل وبعلة.
ويفهم من نصب تذكاري لأحد القادة العسكريين ، سبكحو ، من منتصف القرن التاسع عشر قبل الميلاد ، أن المصريين في تلك الفترة حكموا القسم الجنوبي والمركزي من فلسطين على الأقل. وهو يدعي أنه شارك في احتلال شيكم (تل بلاطة). ومن هذه الفترة هناك شواهد مصرية على تقاليد الكنعانيين وملابسهم وأسلحتهم ، تظهر في النقوش على مشاهد المدافن والمنحوتات الأخرى ، وخصوصا تلك التي وجدت في مغاور بني حسن من أيام فراعنة السلالة ١٢. وقد وجد مثل هذه النقوش في سرابيط الخادم (سيناء) ، حيث مناجم النحاس ، التي عمل فيها كما يبدو أسرى كنعانيون.
وتظهر مجموعة غريبة من الوثائق ، اصطلح على تسميتها «كتب اللعنات» ، مقدار النفوذ المصري في فلسطين أيام حكم السلالة ١٢ القوي. وعثر على هذه الوثائق مكتوبة على صحون وجرار أو دمى ، فخارية ، وفيها أسماء ملوك المدن في فلسطين والنوبة ، المناوئين لسلطة الفرعون : وبناء عليه ، فقد كانت معدة للكسر كتعبير عن تدمير صاحب الاسم الوارد فيها ، وخضوع مدينته للسيادة المصرية. والباحثون يميزون بين مجموعتين من هذه الكتب : الأولى ، وهي الأكثر قدما (منتصف حكم السلالة) ،