الأمر الذي فيه مصلحة فرنسا كدولة متوسطية.
وجاءت حملة محمد علي لتضع فلسطين في قلب المسألة الشرقية ، أي في بؤرة التنافس الأوروبي بشأن النفوذ في أراضي السلطنة العثمانية ، تمهيدا لاقتسامها. وبعد حفر قناة السويس ، زادت أهمية فلسطين الاستراتيجية كخط دفاع عن ذلك الممر المائي ، الذي أصبح الأهم في العالم. وفي سياق انحلال السلطنة العثمانية من جهة ، وتنامي الإمبريالية الأوروبية من جهة أخرى ، ترافق بروز الحركة القومية العربية مع نشوء الفكرة الصهيونية ، وما نجم عنها من مشروع استيطاني يرمي إلى تشكيل مركز إقليمي مضاد لحركة شعوب المنطقة. وفي الحرب العالمية الأولى ، صدر وعد بلفور ، وبعد الحرب العالمية الثانية قام الكيان الصهيوني (إسرائيل) ؛ وبذلك تشكّلت القضية الفلسطينية التي لا تزال تعتبر القضية المركزية للأمة العربية. وقد غطت هذه القضية تاريخ فلسطين ، بل تاريخ الوطن العربي ، الحديث.
ومن المرجح أن الاسم فلسطين مشتق من اللفظ فلستيا ـ بلاد الفلسطيين ؛ وهم من شعوب البحر التي نزلتها في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد. والاسم يشير إلى الجزء الجنوبي من ساحلها ، حيث أقام هؤلاء ممالكهم ، ثم جرى تعميمه على البلد كله لاحقا. ولا يرد في المصادر المتوفرة من الشرق الأدنى القديم ذكر لاسمها قبل الألف الثاني قبل الميلاد. ولعل وثائق إبلا (تل مرديخ) تكشف معلومات جديدة في هذا الموضوع. وفي النصوص الأكادية منذ نهاية الألف الثالث قبل الميلاد ، يشار إلى بلاد الشام عامة باسم أمورو (عمورو) ، الذي يفسر على أنه يعني الأرض الغربية ـ غرب الفرات. كما تطلق هذه المصادر اسم بحر أمورو على البحر الأبيض المتوسط ، وهو الاسم الذي أطلق على سكان هذه البلاد ، فأصبحوا يعرفون به أيضا ـ «العموريون».
ومنذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد ، يرد اسم أرض ـ كنعان للدلالة على فلسطين ، كلها أو بعضها ، وذلك في وثائق ماري (تل الحريري) والالاخ (تل عطشانة) من سورية ، ووثائق نوزي من العراق. والصيغة الواردة فيها هي كناخي أو كناخنا ، التي تقارب الصيغة المعروفة من تل العمارنة في مصر. أمّا المصادر الأشورية (القرن الثامن قبل الميلاد) ، فتورد الاسم فلستيا ، أو فلستو ، للدلالة على الجزء الجنوبي من الساحل الفلسطيني ، كما ترد صيغة مشابهة في التوراة : إيرتس بلشتيم (أرض الفلسطيين). والاسم فلسطين (بالستاين) ، باللهجة الأرامية ، أول ما يرد عند المؤرخ اليوناني هيرودوتس (٤٨٤ ـ ٤٢٠ ق. م.) ، بصيغة «سورية الفلسطينية» ، للدلالة على الجزء الجنوبي من سورية. وقد عممه رسميا الإمبراطور هدريان (١١٧ ـ