الحاكمة في كل من العراق وأناضوليا ومصر. أمّا بعد عقد معاهدة السلام بين الحثيين والمصريين ، فقد استغلت تلك العناصر ضعف الطرفين نتيجة الحروب التي استنزفت قواهما. وكانت المنطقة الجبلية في وسط فلسطين نقطة الضعف في ولاية كنعان المصرية ، ولا غرو أن الاستيطان الإسرائيلي بدأ هناك.
لقد تميّز المصريون القدماء عموما بنظرة من الاحتقار إلى الجماعات غير المستقرة ، والتي لا يمكن السيطرة عليها وتنظيمها. وأطلقوا عليها أسماء تعبر عن شيء من الدونية مثل العابيرو والشاسو. وهذه الكنى موجودة في الوثائق المصرية من أيام السلالة ١٨ ، وخصوصا رسائل تل العمارنة ، التي تعود إلى النصف الأول من القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وبينما تشير هذه المصادر إلى أن أمكنة تجمع هذه الأقوام كانت في شرقي الأردن خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد ، فإننا نجدها غربي النهر في القرن الذي يليه. والظاهر أن الحكام المحليين ، في صراعاتهم المستمرة ، وكذلك الحاميات المصرية المعزولة ، استعملوا هذه الجماعات كمرتزقة. وباختلال حبل الأمن ، ووهن يد السلطة المركزية خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد ، راحت هذه الجماعات تفرض وجودها بالقوة.
وخلال فترة طويلة ، كما تفيد المصادر المصرية ، ظل الشاسو يشكلون عنصر إزعاج على أطراف حدود ولاية كنعان المصرية ، وبالتالي مصدر قلق للسلطات المصرية وحكام المدن الكنعانية ، للخطر الذي شكلوه على طرق التجارة. وفي نهاية السلالة ١٨ ، اندفعوا غربا عبر النقب الشمالي إلى سيناء وقطعوا طريق البحر. ومع أن سيتي الأول (١٣٠٩ ـ ١٢٩٠ ق. م.) طردهم ، وتقدم لفك الحصار الذي فرضته جماعات أخرى منهم على الحامية المصرية في بيسان ، فمن الواضح أنه لم يخضعهم ولم يردعهم عن العودة إلى نهجهم بالتغلغل في أرض ـ كنعان بعد انسحابه منها. والأكيد أن الشاسو أفادوا من انشغال الفرعون بقتال شعوب البحر ، ووسعوا من تمددهم في المناطق الريفية والجبلية والصحراوية ، مستغلين عجز الحكام المحليين عن ضبطهم.
ورسائل تل العمارنة (أرشيف أخناتون) هي في الأغلب مخاطبات متبادلة بين بلاط الفرعون وحكام المدن الكنعانية الخاضعة له ، وهي تعالج الوضع الأمني والفوضى المستشرية نتيجة نشاط العابيرو (الشاسو) ، وفيها اتهامات متبادلة بين هؤلاء الحكام بدعوى التعاون مع العابيرو ، الذين يريدون الاستيلاء على «بلاد السيد الملك». وعدا ذلك ، تعالج الرسائل قضايا إدارية ـ اقتصادية ، مثل أداء الضرائب والتطويع لأعمال الملك ، وأمن القوافل التجارية وإصلاح الطرق. ومع أن ملوك