قريش التي فيها أبو جهل ، قال : فاتكأ على قوسه مقابل أبي جهل ، قال : فنظر إليه ، فعرف الشرّ في وجهه ، فقال : ما لك يا أبا عمارة؟ قال : فرفع القوس فضرب بها أخدعيه (١) ، فقطعه فسالت الدماء ، قال : فأصلحت ذلك قريش مخافة أن يكون بينهم قائدة (٢) ، قال ورسول الله صلىاللهعليهوسلم مختف في دار أرقم بن أبي الأرقم المخزومي ، قال : فانطلق حمزة مغضبا حتى أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فأسلم ، وخرجت بعده بثلاثة أيام ، فإذا فلان بن فلان المخزومي فقلت : له أرغبت عن دين آبائك واتّبعت دين محمّد؟ قال : إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني ، قال : قلت : ومن هو؟ قال : أختك وختنك ، قال : فانطلقت ، فوجدت الباب مغلقا وسمعت همهمة قال : ففتح لي الباب ، فدخلت فقلت : ما هذا الذي أسمع عندكم؟ قالوا : ما سمعت شيئا ، فما زال الكلام بيني وبينهم حتى أخذت برأس ختني فضربته ضربا فأدميته ، فقامت إليّ أختي فأخذت برأسي ، فقالت : قد كان ذلك على رغم أنفك قال : فاستحييت (٣) حين رأيت الدماء فجلست وقلت أروني هذا الكتاب؟ فقالت أختي : إنه لا يمسه إلّا المطهرون ، فإن كنت صادقا فقم فاغتسل ، قال : فقمت ، فاغتسلت وجئت فجلست فاخرجوا لي صحيفة فيها : بسم الله الرّحمن الرحيم قلت : أسماء طاهرة طيبة (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى. إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى. تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى. الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى. وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) قال : قلت ، بهذا جاء موسى (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٤) فتعظمت في صدري وقلت : من هذا فرت قريش؟ ثم شرح الله صدري للإسلام ، فقلت : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) قال : فما في الأرض نسمة أحب إليّ من رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قلت : أين رسول الله؟ قالت : عليك عهد الله وميثاقه ألّا تهيجه بشيء يكرهه ، قلت : نعم ، قالت : فإنه في دار أرقم بن أبي الأرقم ـ في دار عند الصفا ، فأتيت الدار ، وحمزة وأصحابه جلوس في الدار ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في البيت ، فضربت الباب ، فاستجمع القوم ، فقال لهم حمزة : ما لكم؟ قالوا : عمر بن الخطاب. قال : وعمر بن
__________________
(١) الأخدعان : عرقان في جانبي العنق ، وهما شعبتان من الوريد (النهاية).
(٢) في تاريخ الإسلام وتاريخ الخلفاء : مخافة الشر.
(٣) بالأصل : «فاستحيته» والمثبت عن تاريخ الإسلام وتاريخ الخلفاء.
(٤) سورة طه ، الآيات من ١ ـ إلى ٨.