ـ ببلخ ـ أنا علي بن أحمد بن محمد الخزاعي ، أنا الهيثم بن كليب.
قالا : نا محمد بن عبيد الله ـ هو ابن يزيد بن المنادي ، نا إسحاق بن يوسف الأزرق نا القاسم بن عثمان البصري ، عن أنس بن مالك قال :
خرج عمر متقلدا السيف ، فلقيه رجل من بني زهرة فقال له : أين تعمد يا عمر؟ قال : أريد أن أقتل محمّدا ، قال : فكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمّدا؟ قال : فقال له عمر : ما أراك إلّا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه ، قال : أفلا أدلك على العجب ـ زاد الهيثم : يا عمر ،؟ فقالا : ـ إنّ ختنك وأختك قد صبوا ، وتركا دينك الذي أنت عليه ، قال : فمشى عمر ذامرا ـ يعني غضبانا ـ حتى أتاهما ، وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خبّاب. قال : فلما سمع خبّاب بحسّ عمر توارى في البيت ، فدخل عليهما عمر فقال : ما هذه الهينمة (١) التي سمعتها عندكم قال : وكانوا يقرءون (طه) فقالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا ، قال : فلعلكما قد صبوتما؟ (٢) فقال له ختنه : يا عمر ، إن كان الحق في غير دينك؟ قال : فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئا شديدا ، قال : فجاءت أخته لتدفعه ـ وفي حديث الهيثم : فدفعته ـ عن زوجها ، فنفحها نفحة بيده ، فدمّى وجهها ، فقالت وهي غضبى : وإن كان الحق في غير دينك ، أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمّدا رسول الله. قال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ـ قال : وكان عمر يقرأ الكتب ـ فقالت له أخته : إنك رجس ، ولا يمسه إلّا المطهّرون ، فقم ، فاغتسل أو توضأ ، قال : فقام عمر فتوضأ ، ثم أخذ الكتاب فقرأ (طه) حتى انتهى [إلى قوله :](إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)(٣) فقال عمر : دلّوني على محمّد صلىاللهعليهوسلم ، قال : فلما سمع خبّاب قول عمر خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لك ليلة الخميس : «اللهم أعزّ (٤) الإسلام بعمر بن الخطّاب أو بعمرو بن هشام» ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الدار التي في أصل الصفا ، قال : فانطلق عمر حتى أتى الدار ، وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر قال حمزة : فهذا عمر ، فإن يرد الله بعمر خيرا أسلم وتبع ـ وقال الفراوي : يسلم فيتبع ـ النبي صلىاللهعليهوسلم وإن يرد غير ذلك يكون قتله علينا هينا ، قال : والنبي صلىاللهعليهوسلم داخل يوحى إليه ، قال : فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أتى عمر ، فأخذ بمجامع
__________________
(١) الهينمة : الصوت الخفي.
(٢) في تاريخ الإسلام وتاريخ الخلفاء : صبأتما.
(٣) سورة طه من الآية الأولى إلى الآية ١٤.
(٤) بالأصل : «عز» والمثبت عن دلائل البيهقي وتاريخ الإسلام.