وذكر أيضا ما يقتضى أن أول ملوكهم غير مضاض بن عمرو بن سعد ؛ لأنه ذكر أن الحارث بن مضاض بن عمرو بن سعد بن الرقيب بن ظالم بن هنى بن نبت بن جرهم كان على جرهم حين أتوا من اليمن إلى مكة ، وذكر أن قدومهم إليها كان بعد أن سمعوا بما حصل بها من الخصب لمن تقدمهم من العماليق ، فقال : وعلى جرهم يومئذ الحارث المذكور ، وعلى العماليق السميدع المذكور.
ثم قال : فكانت على الجرهميين ، فافتضحوا ، وصارت ولاية البيت إلى العماليق ، ثم كانت لجرهم عليهم ، فأقاموا ولاة البيت نحو ثلاثمائة سنة (١) ..
وذكر ابن إسحاق ما يخالف ذلك ؛ لأنه ذكر ما يقتضى أن جرهما لما قدموا إلى مكّة كان عليهم مضاض بن عمرو ، وأنه وقومه تقاتلوا مع السميدع وقومه ، فقتل السميدع ، وصار ملك مكّة لمضاض (٢).
وما ذكره ابن إسحاق هو المعروف ، وما ذكره المسعودى غريب ، والله أعلم بحقيقة الحال.
وما ذكره فى نسب ملوك جرهم ذكر السهيلى ما يخالفه ، وكذلك فتح الأندلسى ؛ لأنه ذكر خبرا يتعلق بجرهم ؛ وفيه : أن الحارث بن مضاض الذى طالت غربته ، قال لإياد بن نزار بعد أن أوصله إلى مكة : أنا الحارث بن مضاض بن عبد المسيح بن نفيلة بن عبد الدان بن خشرم بن عبد يا ليل بن جرهم بن قحطان بن هود عليهالسلام .. انتهى ، والله أعلم.
وأما من أخرج جرهما من مكّة وكيفية خروجهم منها : فقد اختلفت الأخبار فى ذلك ؛ ففى بعضها : أن بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة ، وغبشان بن خزاعة لما رأوا استحلال جرهم لحرمة البيت ، وظلمهم بها ، قاتلوا جرهم ، فغلبهم بنو بكر وغبشان ، ونفوا جرهم من مكة.
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٥١.
(٢) السيرة لابن هشام ١ / ١١١.