والمدية ـ وهى الشفرة ـ ثم امض بنا إلى هذا الشّعب لتحطب لأهلك منه ، قبل أن يذكر له ما أمر به ، فعرض لهما إبليس ليصدهما عن طاعة الله فى ذلك ، فلم يقبلا منه ، فلما خلا إبراهيم فى الشّعب ـ ويقال ذلك إلى ثبير ـ قال له :(يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(١) ثم أدخل الشفرة فى حلقه ، فقلبها جبريل عليهالسلام لقفاها فى يده ، ثم اجتذبها إليه ونودى : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) ، فهذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها دونه (٢).
وقد تقدم الخلاف فى موضع ذبح هذا الفداء من منى فى الباب الحادى والعشرين.
واختلف فى الذبيح : هل هو إسماعيل بن إبراهيم ، أو أخوه إسحاق بن إبراهيم ؛ والصحيح أنه إسماعيل على ما قال الحافظ عماد الدين بن كثير (٣).
ونقل ذلك النووى عن الأكثرين.
وكلام السهيلى يقتضى ترجيح أنه إسحاق (٤) ، وكذلك المحب الطبرى ، والله أعلم.
وإسماعيل أول من ذلّلت له الخيل العراب ، وأول من ركب الخيل ، وأول من تكلم بالعربية.
وقيل فى أول من تكلم بالعربية غير ذلك (٥) ، والله أعلم.
وقال الفاكهى فى الأوليات بمكّة : وأول من أحدث الأرحية يطحن بها بمكّة : إسماعيل بن إبراهيم النبى عليهالسلام.
__________________
(١) سورة الصافات آية : ١٠٢.
(٢) أخبار مكّة للفاكهى ٥ / ١٢٢ ـ ١٢٤.
(٣) انظر فى ذلك : البداية والنهاية ١ / ١٥٩ ، وأخبار مكّة للفاكهى ٥ / ١٢٧ ، والروض الأنف ١ / ١٧٧ ، وتهذيب الأسماء واللغات ج ١ ق ١ / ١٦٦.
(٤) الروض الأنف ١ / ١٧.
(٥) أخبار مكّة للفاكهى ٥ / ١٣٠ ، والروض الأنف ١ / ١٣٥.