ابن الوليد ، فشذّا عنه ، فسلكا طريقا غير طريقه ، فقتلا جميعا ، وأصيب من جهينة سلمة بن الميلا من خيل خالد ، وأصيب من المشركين ناس قريب من اثنى عشر ، أو ثلاثة عشر ، ثم انهزموا.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين ـ حين أمرهم أن يدخلوا ـ أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم ؛ إلا أنه قد عهد فى نفر سماهم أمر بقتلهم ، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة ، فقتل بعضهم ، واستؤمن لبعضهم.
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما نزل مكّة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت ، فطاف به سبعا على راحلته ، يستلم الركن بمحجن فى يده ، فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له ، فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان ، فكسرها بيده ، ثم طرحها ، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكفّ له الناس فى المسجد ، فخطب خطبته المشهورة ؛ وفيها : «يا معشر قريش ، ما ترون أنى فاعل فيكم؟» قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم. قال : «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
ثم جلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى المسجد ، فقام إليه على بن أبى طالب رضى الله عنه ، ومفتاح الكعبة فى يده ، فقال : يا رسول الله : اجمع لنا الحجابة مع السقاية. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أين عثمان بن طلحة؟».
فدعى له. فقال : «هاك مفتاحك يا عثمان ، إن اليوم يوم بر ووفاء» وأمر النبى صلىاللهعليهوسلم بلالا أن يؤذن (١).
وكان أبو سفيان بن حرب ، وعتّاب بن أسيد ، والحارث بن هشام جلوسا بفناء الكعبة ، فقال عتّاب بن أسيد : لقد أكرم الله أسيد أن لا يكون سمع هذا ، فيسمع منه ما يغيظه.
وقال الحارث بن هشام : أما والله لو أعلم أنه محق لا تبعته.
فقال أبو سفيان : لا أقول شيئا ؛ لو تكلمت لأخبرت عنى هذه الحصا.
__________________
(١) رواه : مسلم (الحج : ٣٩٠) ، ورواه البخارى (٨ / ١٤ المغازى : أين ركز النبى صلىاللهعليهوسلم الراية يوم الفتح).