فخرج عليهم النبى صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «قد علمت الذى قلتم» ، ثم ذكر ذلك لهم.
فقال الحارث وعتّاب : نشهد إنك رسول الله ، والله ما اطّلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك.
ولما طاف النبى صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح على راحلته ، كان حول البيت أصنام مشددة بالرصاص ، فجعل النبى يشير بقضيب فى يده إلى الأصنام ويقول : «جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا» فما أشار إلى صنم منها فى وجهه إلا وقع لقفاه ، ولا أشار لقفاه إلا وقع لوجهه ، حتى ما بقى منها صنم إلا وقع (١) ، فقال تميم بن أسد الخزاعى :
وفى الأصنام معتبر وعلم |
|
لمن يرجو الثواب أو العقاب |
وأقام رسول الله بمكّة بعد فتحها خمس عشر ليلة يقصر الصلاة ، وكان فتح مكّة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة.
وخبر فتح مكّة أكثر مما ذكرناه ، وما ذكرناه ملخص مختصر مما ذكره أبو إسحاق فى «سيرته» ، بعضه بالمعنى ، وكثير منه باللفظ (٢).
وأما الفوائد المتعلقة بخبر فتح مكة : فإن بعضها يخالف ما ذكره ابن إسحاق وابن هشام من خبر الفتح ، وبعضها يوضح بعض ما أبهماه فى ذلك ، فمنها : أن الفاكهى قال : الوتير : ماء بأسفل مكة ، فى المشرق عن يمين ملكان ؛ على ستة أميال منها.
وهذا بيّن الوتير أكثر مما فى كلام ابن إسحاق.
ومنها : أن ابن عقبة ذكر فى «مغازية» ما يقتضى أن إغارة بنى كنانة على خزاعة ـ التى هى سبب فتح مكّة ـ كانت بعرنة ؛ وهذا يخالف ما ذكره ابن إسحاق.
__________________
(١) البخارى (٤٢٨٧) ، ومسلم (٣ / ١٤٠٨) ، والترمذى (٣١٣٨) ، والبغوى (٣٧٠٧).
(٢) انظر فتح مكة فى : السيرة لابن هشام ٢ / ٣٨٩ ، وتاريخ الطبرى ٢ / ١٥٢ ، وزاد المعاد ٢ / ١٦٠ والبداية والنهاية ٤ / ٢٧٨ ، والروض الأنف ٧ / ٤٩ ، والسيرة الشامية ٥ / ٣٠٤ ، وأخبار مكة للفاكهى ٥ / ٥٧ ، وإمتاع الأسماع ١ / ٣٥٧ ، وغيرها.