وعثمان ـ رضى الله عنهما ـ وبأمرهما اشتريت دور لتوسعة المسجد الحرام ، وكذلك فعل ابن الزبير ـ رضى الله عنهما ـ (١).
وفعل ذلك غير واحد من الصحابة ، وهم أعرف الناس بما يصلح فى مكّة.
وهذا مذكور فى تاريخ الأزرقى ، ما عدا بيعها فى زمن النبى صلىاللهعليهوسلم (٢) ؛ فإن ذلك مذكور فى كتاب الفاكهى عن عبد الرحمن بن مهدى (٣).
ولا يعارض هذا حديث علقمة بن نضلة الكنانى ـ وقيل الكندى ـ : كانت الدور والمساكن على عهد النبى صلىاللهعليهوسلم ، وأبى بكر ، وعمر ، وعثمان ـ رضى الله عنهم ـ لا تكرى ولا تباع ، ولا تدعى إلا السوائب ، ومن احتاج سكن ، ومن استغنى أسكن. وهذا لفظ الأزرقى ، وفى ابن ماجه معناه (٤).
لأن حاصل حديث علقمة : شهادة على النفى ، وفى مثل هذا يقدم المثبت ، والله أعلم.
واختلف الحنفية فى جواز بيع دور مكّة ، واختيار الصاحبين ـ أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ـ جواز ذلك ، وعلى قولهما الفتوى ، فيما ذكر الصدر الشهيد ، ومقتضى قولهما بجواز البيع : جواز الكراء ، والله أعلم.
واختلف رأى الإمام أحمد فى ذلك ، فعنه روايتان فى جواز بيع دور مكّة وإجارتها ، ورجح كلا منهما مرجح من أتباعه المتأخرين (٥).
ولم يختلف مذهب الشافعى فى جواز بيع دور مكّة وكرائها ؛ لأنها عنده فتحت صلحا.
وقال بعضهم عنه : فتحت بأمان ، وهو فى معنى الصلح.
__________________
(١) أخبار مكة للفاكهى ٣ / ٢٥٦ ، والروض الأنف ٣ / ١٠٢.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ٢ / ١٦٤.
(٣) أخبار مكة للفاكهى ٣ / ٢٥٦.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ٢ / ١٦٣ ، وسنن ابن ماجه (٣١٠٧) ، وسنن الدار قطنى (٢٢٨) وفيهما زيادة هى : «من احتاج سكن ، ومن استغنى أسكن».
(٥) هداية السالك ٢ / ٩٥٨ ـ ٩٥٩.