موكبين عظيمين إلى مرسى زبيد باليمن ـ على ليلة منها ـ وفى أحدهما هدية لصاحب اليمن ، فقوبل الرسول بالكرامة.
ومنها : أن فى سنة تسع وعشرين وثمانمائة تخوف الناس فى أيام الموسم حصول فتنة بمكّة ، وفى أيام الحج ، وسلم الله ، وله الحمد.
وسبب ذلك : أنه قدم إلى مكّة جماعة من الأمراء المقدمين وغيرهم من المماليك السلطانية الأشرفية فى أوائل العشر الأخير من ذى القعدة ، وكان الشريف حسن عجلان غائبا عن مكّة بناحية الخريفين فى جهة اليمن ، واستدعوه إلى مكّة فلم يحضر لتخوفه ، وحضر إليهم ولده الشريف بركات وأكرموه.
ولما أيسوا من حضور الشريف حسن ، استدعوا سرا إلى مكّة الشريف رميثة ابن محمد بن عجلان ، وأطمعوه ولاية مكّة ؛ وذلك فى يوم عرفة أو يوم التروية ، فلم يستطع الوصول إليهم ؛ لأنه كان مقيما عند عمه ، ولعظم هيبة الأمراء وجماعتهم لم يتظاهر الحرامية بنهب فى طرقات الحج بمكّة.
وخرج الأمراء والترك والحجاج من مكّة إلى منى فى يوم التروية ، وباتوا بها إلى الفجر من اليوم التاسع أو قربه ، وساروا إلى عرفة ، فأقاموا بها إلى الغروب ، ودفعوا إلى مزدلفة ، فلم يستطع أحد من الحرامية التعرض للحاج بسوء فى مأزمى عرفة ولا غيره ؛ لعناية الأمراء وجماعتهم بحراسة الحاج ، وانقضت أيام الحج وأحوال الناس من الحاج وغيرهم مستقيمة.
وكان الأمراء يرجعون فى مصالح الحاج والرعية بمكّة إلى رأى مولانا المقر الأشرف الكريم الزينى عبد الباسط ناظر الجيوش المنصورة بالممالك الشريفة ـ أعلى الله قدره وبلغه وطره ـ لحسن تدبيره وجودة رأيه.
وكان مولانا السلطان الملك الأشرف برسباى صاحب مصر والشام ـ نصره الله ـ قد فوض إليه أمر مكّة ، وعمل المصلحة فيها ؛ لكفايته وعظم رتبته ،