الباب الرابع
فى ذكر شىء من الأحاديث والآثار الدالة على حرمة
مكّة وحرمها وشىء من الأحكام المختصة بذلك ،
وذكر شىء مما ورد فى تعظيم الناس لمكّة وحرمها ،
وفى تعظيم الذنب فى ذلك ، وفى فضل الحرم
روينا عن مجاهد قال : «إن هذا الحرم حرّم حذاؤه من السموات والأرضين السبع» أخرجه الأزرقى (١).
وروينا من حديث ابن عباس ، وأبى هريرة ، وأبى شريح الخزاعى ـ رضى الله عنهم ـ عن النبى صلىاللهعليهوسلم أحاديث تقتضى أن الله ـ عزوجل ـ حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ، وأنه لا يحل اختلاء خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفّر صيدها ، ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف (٢).
وهذه الأمور مما اختصت بها مكّة ، إلا أن الصحيح من مذهب مالك : أن لقطة مكّة كغيرها ، وإليه ذهب أبو حنيفة ، وأحمد.
ومن تنفير صيد مكة أن يصاح فينفر ، قاله المحب الطبرى.
ونقل عن عكرمة أنه قال لرجل : أتدرى ما تنفير صيدها؟ هو أن تنحيه من الظل ، وتنزل مكانه .. انتهى.
وإذا امتنع تنفير صيدها فيمتنع اصطياده من باب أولى.
والمدينة النبوية تشارك مكة فى تحريم صيدها ، ولكن لا جزاء فى صيد المدينة على مشهور المذهب (٣).
وأما مكة فلا خلاف فى وجوب الجزاء فى صيدها ، فتمتاز بذلك ، وبما سبق (٤) ، وبأن صلاة العيد تقام بمكة فى المسجد الحرام ، وفى غيرها تقام فى
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ٢ / ١٢٤ ، ١٢٥.
(٢) أخرجه البخارى (١٥٨٧) ، ومسلم (الحح : ٤٤٥) ، والبيهقى فى الشعب (٤٠٠٧) ، وأبو يعلى (٦٩٢٨) ، وأبو داود (٢٠١٨) ، والنسائى (٢٨٧٤) ، والترمذى (١٥٩٠).
(٣) هداية السالك ٣ / ١٤٠٣. (٤) القرى (ص : ٢١٩ ، ٢٢٠).