الباب الثالث عشر
فى الآيات المتعلقة بالكعبة المعظمة
للكعبة آيات بينات منها : بقاء بنائها الموجود الآن ، وهو لا يقتضى أن يبقى هذه المدة ، على ما بلغنى عن بعض مهندسى عصرنا قال : وإنما بقاؤها آية من آيات الله .. انتهى.
ولعمرى إنه لصادق ، فإن من المعلوم ضرورة : أن الريح والمطر إذا تواليا أياما على بناء تخرّب.
ومن المعلوم ضرورة : أن الكعبة المعظمة ما زالت الرياح العاصفة ، والأمطار الكثيرة المهولة تتوالى عليها منذ بنيت وإلى تاريخه ، وذلك سبعمائة سنة ونيف وخمسون سنة ، ولم يحدث فيها ـ بحمد الله ـ تغير أدى إلى خللها.
ومن آياتها : حفظها ممن أرادها بسوء ، وهلاك من أرادها بذلك ، كما جرى لتبّع والهذليين ، وأصحاب الفيل.
أما قصة تبع : فإنه لما أقبل من المدينة حسّن له نفر من هذيل هدم الكعبة ، وأن يبنى عندها بيتا يصرف إليه الحج ، فعزم على ذلك ، فدفت بهم دوابهم ، وغشيتهم ظلمة شديدة وريح ، ثم رجع عن عزمه ، ونوى تعظيم الكعبة ، فانجلت عنهم الظلمة ، وسكنت الريح ، وانطلقت بهم دوابهم ، وأمر بضرب رقاب الهذليين ، فضربت ، وسار إلى مكّة ، فأقام بها أياما ينحر كل يوم مائة بدنة للصدقة ، وكسى البيت الحرام أنواعا من الكسوة ، وهذا الخبر فى الأزرقى مطولا (١).
وفى رواية : أنه لما أصغى لقول الهذليين بات صحيحا ، فأصبح وقد سالت عيناه ، فلما نوى كرامة البيت وأهله رجعت عيناه ، فارتد بصيرا. وهذا الخبر فى الفاكهى (٢).
وقيل : أصابه غير ذلك.
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ١ / ١٣٢ ، ١٣٣.
(٢) أخبار مكة للفاكهى ٥ / ١٦٠.